الرباط-أسامة بلفقير
إلى جانب عدد من رجالات الدولة الكبار، مثل عبد اللطيف الحموشي وياسين المنصوري وفوزي لقجع، يشكل ناصر بوريطة “فريق أحلام” أو “دريم تيم” الملك محمد السادس، المكلف بتنفيذ السياسة الخارجية للمملكة. هكذا تبدأ مجلة “جون أفريك” البوتريه الذي خصصت لناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج.
تقول المجلة إنه بينما يشتغل “زملاؤه في الفريق” في مجالات الأمن والرياضة وما إلى ذلك، فإن الرجل الذي يوجد رأس وزارة الشؤون الخارجية منذ العام 2017 هو المسؤول عن الدبلوماسية الرسمية، وهو قطاع رئيسي، في الوقت الذي تمتلك فيه المملكة طموحات دولية كبيرة. وحيث، وبعيدًا عن الأبوية التي ربما سادت العلاقات مع بعض الدول في أعقاب الاستقلال، فإن التوازن والمعاملة بالمثل هما كلمتا السر مع بوريطة.
يؤمن بوريطة بأنه لكي تكون ناجحًا، عليك أن تتحلى بالصرامة والمثابرة والإتقان أكثر من حب الظهور. عليك أن تشتغل بطريقة مدروسة ومنظمة، وعدم ترك أي شيء للصدفة. لدرجة أنه عندما كان أمينًا عامًا لاتحاد المحاسبين القانونيين في الولايات المتحدة الأمريكية قدم طريقة أسماها “الدبلوماسية بالأهداف”.
تقول المجلة إنه “كثيرًا ما نسمع أنه من الصعب قياس نجاح الدبلوماسية، أو تقييم تأثير السياسة الخارجية لبلد ما أو لتقييم تصرفات دبلوماسي ما. ولكن بالاعتماد على الرؤية والمبادئ التوجيهية الملكية، فمن الممكن تماماً تحديد أهدافاً للسنة أو الشهر أو الأسبوع القادم، والتخطيط لوقته وعمله”، كما يوضح شخص مقرب لجون أفريك. إنها وصفة يطبقها على نفسه أولاً: “كل أسبوع، يضع قائمة بأولوياته وأهدافه، عادةً ما تكون أربعة أو خمسة أولويات، يقولها لنفسه، من أجل تنظيم عمله: مهما كان جدول الأعمال، ومهما كانت القيود أو الأحداث، مهما كانت القيود أو الأحداث، والتي قد تكون أحيانًا نحن بحاجة إلى إحراز تقدم في هذه المشكلة أو تلك، وحل هذه المشكلة أو تلك المشكلة”.
تفيد المجلة بأن بوريطة يعرف الجميع تقريبا في وزارته. لهذا السبب فإنه يتوقع من موظفيه أن يكونوا ملتزمين تمامًا، ومعبئين في جميع الأوقات، وقبل كل شيء تحقيق النتائج. لقد ولت الأيام التي كانت فيها المناصب في السفارات أو في الخارجية، في بعض الأحيان مناصب لأبناء الطبقات المتوسطة العليا (غالباً ما تكون عربية أندلسية: فاسية فاسية، رباطية، سلاوية، إلخ)، وكانت وظيفتهم الرئيسيةالتباهي.
وتضيف المجلة الفرنسية إن بوريطة ومع بقائه مخلصاً للتقاليد والعادات العريقة للدبلوماسية، فإنه يشدد على أن مهنة الدبلوماسي، قد تطورت لتتكيف مع تعقيدات العصر، وأن الشخصيات الأرستقراطية التي كانت في الماضي قد أفسحت المجال لشخصيات من جميع مناحي الحياة.
هو نفسه “ولد الشعب”. وهو الثالث من بين خمسة أبناء، وُلد في تاونات سنة 1969، في قلب بلاد جبالة. ترعرع ناصر بوريطة
في الرباط في حي يعقوب المنصور الذي يقطنه أبناء الطبقة العاملة. وهو يجسّد بطريقته الخاصة المغرب الجديد الذي أراده الملك محمد السادس، حيث الحتمية الاجتماعية الجهوية تتضاءل أكثر فأكثر.
بعد دراسة القانون في جامعة محمد الخامس في الرباط في عام 1991، أمضى الشاب ناصر، الذي كان على عكس أبناء البورجوازية المغربية، أمضى كامل تعليمه الابتدائي في المدارس العمومية، واجتاز مباراة الولوج لوزارة الخارجية. لم يمضِ وقت طويل قبل أن يلتحق بالأكاديمية المغربية للدراسات الدبلوماسية، وهي الدورة التي التحق بها جميع المرشحين الناجحين في امتحان الماجستير، حيث جاء ناصر بوريطة الأول في دفعته.. وكانت مكافأته: تدريب في نيويورك، في الأمم المتحدة، في صيف عام 1993.
“كان هناك، في أروقة هذه المنظمة الدولية، في بداية في أوائل التسعينيات، ولد شغفه بالدبلوماسية”، يتذكر أحد أصدقائه المقربين. كان عمره 24 عامًا. لم يُطلب منه أي شيء، ولكن رؤية التاريخ في طور التكوين داخل الأمم المتحدة، والتي كان لها في ذلك الوقت تأثير كبير على العلاقات الدولية. ومن المفارقات أنه التقى برمطان لعمامرة للمرة الأولى عندما كان متدربًا.