24 ساعة-متابعة
في تقريره السنوي لعام 2023، دعا المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، بقيادة الرئيسة أمينة بوعياش، إلى إصلاحات قانونية لمعالجة المخاوف الملحة المتعلقة بحقوق الإنسان وسط ارتفاع شكاوى المواطنين في عام 2023.
وقدم المجلس مقترحات لتعديل قانون الأسرة، مع التأكيد على ضرورة حماية النساء والفتيات والأطفال. ودعت بوعياش بشكل خاص إلى تجريم الاغتصاب الزوجي وإلغاء زواج الأطفال.
وكشف التقرير عن ارتفاع ملحوظ في عدد الشكاوى التي تلقاها المجلس الوطني لحقوق الإنسان سنة 2023، حيث تجاوزت 3000 شكوى. وشملت هذه الشكاوى قضايا مختلفة، بما في ذلك التدهور البيئي بسبب ندرة المياه، والعنف ضد المرأة، والقيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات التي تواجهها المنظمات غير الحكومية.
كما انتقد المجلس استمرار النظام القضائي في استخدام عقوبة الإعدام، رغم عدم تطبيقها منذ عقدين من الزمن. ودعت بوعياش إلى إلغاء عقوبة الإعدام، مستشهدا بالاتجاهات الدولية وأهمية دعم الحق في الحياة. بالإضافة إلى ذلك، حقق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في حالات التعذيب وسوء المعاملة في مرافق الاحتجاز.
وفي السجون، قالت بوعياش، إن المجلس تلقى عام 2023 ثلاث شكاوى تتعلق بالتعذيب. وتابع المجلس هذه الشكاوى، وما زالت التحقيقات جارية مع النيابة العامة. وأوضح المسؤول أيضًا الفرق بين التعذيب وسوء المعاملة، وأشار إلى أنه تم تلقي 149 شكوى تتعلق بسوء المعاملة في عام 2023، لكن معظمها لا يشكل تعذيبًا.
وقالت إن بعض الشكاوى تنبع من الخلافات والتوتر بين المحتجزين، حيث ينظر المحتجزون إلى تدخلات إدارة السجن لاستعادة النظام على أنها معاملة مهينة.
قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان تقريره السنوي لعام 2023، الذي يقيّم الوضعية الحقوقية في المغرب ويرصد الاختلالات التي شهدتها السنة المنصرمة، خاصة المرتبطة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
يقدم هذا التقرير السنوي، الذي يتجاوز 340 صفحة، الخامس خلال الولاية الحالية للمجلس، والمعنون بـ “إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، تحليلاً وتقييماً لحالة حقوق الإنسان في المغرب، فضلاً عن تدخلات المجلس ذات الصلة بالحماية والنهوض والوقاية من الانتهاكات.
يرصد هذا التقرير معطيات تتعلق بـ 21 حقًا موضوعاتيًا و 5 حقوق فئوية إلى جانب حقوق النساء والفتيات، باعتماد مقاربة تشاركية، وذلك انطلاقاً من رصده للعديد من أشكال تفاعل السلطات العمومية ومختلف المؤسسات مع عناصر السياق الوطني والدولي.
وسجل المجلس ملامح أساسية من خلال العلاقة المركبة بين الفرص التي تتيحها بعض أوراش الإصلاح لإنجاح جهود بناء نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والتحديات التي يفرضها تحول بعض الأزمات والمخاطر إلى إكراهات بنيوية ضاغطة، والانتظارات التي تغذيها بعض القضايا المجتمعية ذات الصلة بحماية الحقوق الأساسية.
اختلالات حقوقية
سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مجموعة من الاختلالات في الوضعية الحقوقية بالمغرب سنة 2023، بداية باستمرار إصدار أحكام بعقوبة الإعدام، التي بلغت 83 حكماً، منهم 81 حكماً نهائياً، رغم التنصيص الدستوري على الحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص.
وأبرز المجلس أيضاً تزايد عدد الشكايات والطلبات، حيث توصل المجلس وآلياته الوطنية ولجانه الجهوية بـ 3318 شكاية، منها 280 شكاية من نساء أو فتيات ضحايا العنف، و276 شكاية تهم حقوق المهاجرين، وارتفاع وتيرة لجوء الأفراد والمجموعات إلى التشكي لدى اللجان الجهوية كآليات انتصاف على المستوى المحلي.
كما نبه المجلس إلى تزايد نسبة الشكايات المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كمؤشر على حجم التحديات التي يواجهها الأفراد في الولوج إلى الخدمات الأساسية المرتبطة بهذه الحقوق، وتزايد الشكايات المتعلقة بالحق في بيئة نظيفة ومستدامة والحق في الماء، وهو ما يمكن تفسيره بالأوضاع الصعبة المرتبطة بحالة الإجهاد المائي غير المسبوق الذي عرفته البلاد منذ سنة 2022 وتواصل سنة 2023، حسب التقرير ذاته.
واستنكر التقرير السنوي اتساع مجالات الشكايات المتعلقة بالمس بالحياة الشخصية، وهو ما يعكسه تزايد لجوء المواطنين إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان باعتباره آلية انتصاف غير قضائية. ويؤكد، وفق التقرير، الطابع الاستعجالي لتعزيز دينامية الإصلاح الجاري من أجل قضاء عادل ونزيه وفعال.
وسجل المصدر ذاته 249 حالة وفاة في أماكن الحرمان من الحرية، و1357 حالة إشعار بالإضراب عن الطعام حسب معطيات المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، فيما قام المجلس ولجانه الجهوية بـ 285 زيارة لمؤسسات سجنية أعدت بشأنها تقارير مشفوعة بتوصيات لضمان حقوق النزلاء والنزيلات، وأحيلت على الجهات المختصة.
كما تلقى المجلس ولجانه الجهوية، حسب التقرير ذاته، 3 شكايات يدعي أصحابها تعرضهم للتعذيب، مؤكداً أن المجلس حرص على متابعتها حيث تم إخضاعها للتحقيق وتم اتخاذ الإجراءات الإدارية في انتظار إصدار الأحكام. كما توصل المجلس ولجانه الجهوية بـ 149 شكاية تتعلق بادعاءات سوء المعاملة، مشيراً إلى أنه بعد التحري والزيارات خلص إلى أن أغلبها لا تتوفر فيها عناصر تعريف التعذيب أو المعاملة القاسية بل تهم خلافات بين المعتقلين نتيجة الاكتظاظ باعتباره يمس التمتع بالحقوق.
دعائم حماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
أوضحت آمنة بوعياش أن اختيار “إرساء دعائم نظام وطني لحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية”، كعنوان للتقرير السنوي هو انعكاس لعملية تركيب لمجمل ما رصده المجلس من مشاريع ومبادرات وبرامج في إطار متابعته للسياسات العمومية من زاوية المقاربة القائمة على حقوق الإنسان.
كما جاء هذا الاختيار، حسب بوعياش، تبعاً لما سجله المجلس من إشكاليات وعوائق واختلالات، مشيرة إلى أنه جرى تكثيف كل هذه العناصر وتحليلها انطلاقاً من الإطار المرجعي لعمل المجلس، وخاصة الالتزامات الدولية للمملكة والمقتضيات الدستورية. ذات الصلة بحقوق الإنسان، وعلى ضوء التحديات المرتبطة بالسياق العام وطنياً ودولياً، وهو ما يسمح ببناء العنوان التركيبي للتقرير السنوي.