الرباط-متابعة
وضع القرار الفرنسي بالاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه آخر مسمار على نعش الأطروحة الجزائرية، لتجد الأخيرة نفسها أمام وضع دولي يدفع نحو نهاية باتت وشيكة لهذا النزاع المفتعل، خاصة أن موقف الشريك التقليدي للجيران -روسيا- قد لا يتأخر بدوره في حسم الأمور.
عمليا، نحو أمام منعطف يدفع نحو نهاية النزاع بقناعة المنتظم الدولي. فأن تقرر دول تحوز حق النقض “الفيتو’ في مجلس الأمن، ولها تأثير على السياسة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ماسكة القلم في تقارير وقرارات الصحراء المغربية، فهذا يعني أن المجتمع الدولي اقتنع بأن استمرار هذا النزاع سيكون على حساب الأمن الإقليمي والدولي، في ظل وجود جماعة مسلحة أثبتت عدد من التقارير الدولية علاقاتها المتشعبة مع الجماعات المتطرفة في الساحل والصحراء.
لكن هل سيتوقف الأمر عند هذه الاعترافات؟ عنليا، نحن أمام مواقف حاسمة في الملف، وربما الموقف الفرنسي أقوى، من الناحية التاريخية والجيوسياسية من الموقفين الإسباني والأمريكي..لكن على صعيد المنظومة الأممية، فهذه الاعترافات مجتمعة، إلى جانب باقي المواقف الدولية، ستجعل من مهام المبعوث الأممي أكثر يسرا في إقناع الجزائر بأن توجهاتها تعتبر عرقلة لعمل المنظومة الدولية.
أيضا، لابد من الإشارة إلى أن اتكاء الجزائر على السند الروسي بات بدوره محط تشكيك. فموسكو بدورها لا تسجل، على العموم، مواقف معادية ضد المملكة في هذا الملف، وتحرص على نوع من الحياد، حتى ولو حاولت الجزائر توريطها من أجل مواقف داعمة للجمهورية الوهمية..لكن حسابات الروس تختلف عن حسابات طغمة شنقريحة.
ولابد هنا ان نشير إلى أن بعض المواقف الروسية “السلبية” في هذا الملف ربما جاءت مشاكسة لأمريكا، أكثر منه مواقف معارضة لمساعي المغرب لحل النزاع. لكن التطورات الأخيرة قد تدفع نحو تسريع الموقف الروسي، حتى وإن كان الأمر يتطلب بعض الوقت وجهدا ليس باليسير من الدبلوماسية المغربية.
لقد اشتغلت الدبلوماسية المغربية بذكاء كبير في بعض اللحظات التي كانت تستلزم نوعا من القرارات المدروسة والحكيمة، وهنا الحديث مثلا عن الصراع-الروسي الأوكراني..نتذكر مثلا عدم انخراط المغرب، شهر مارس 2022، في دعم قرار أممي ضد روسيا، حتى وإن رفض المغرب في حينه إعطاء أي تأويلات لهذا القرار، وشدد على تشجيع عدم اللجوء إلى القوة لتسوية الخلافات بين الدول، والدعوة إلى مواصلة وتكثيف الحوار والتفاوض بين الأطراف من أجل وضع حد لهذا النزاع، وتشجيع جميع المبادرات والإجراءات لتحقيق هذه الغاية. لكن في روسيا هذا رسائل يتم التقاطها، وتؤثر في رسم المواقف.
غير أنه قبل روسيا، هناك خطوات تبدو أكثر يسرا بالنسبة للمغرب. فالموقف الجامع للاتحاد الأوروبي بدعم السيادة المغربية قد يكون اليوم أسرع من أي وقت مضى. ذلك أن الدور الفرنسي النافذ في المنظومة الأوروبية، سيجعل باريس تلعب أدوارا فاعلة في هذا الشأن..وربما لن يتأخر أيضا الموقف البريطاني، بدعم من الجانب الأمريكي.
وهذا يعني أن موقف الخمس الكبار لن يخرج عن دعم سيادة المغرب، أو على الأقل بالنسبة لبعض الدول، الدفع بالتفاوض حول مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية..لتبقى الجزائر في ورطة أمام الميليشيات التي صنعتها وسلحتها، وجمعت حولها المرتزقة من خارج منطقة النزاع.