الدار البيضاء-أساماء خيندوف
بعد انتظارٍ تجاوز 10 سنوات، أطلقت بورصة الدار البيضاء اليوم الثلاثاء “سوق العقود الآجلة” رسميًا، مما يشكل تحولًا نوعيًا في مسار سوق الرساميل في المغرب.
وتعد تعد سوق العقود الآجلة نوعا من أنواع الأسواق المالية التي يتم فيها تداول “العقود المشتقة”، حيث تتعلق هذه العقود بالتزامات لبيع أو شراء أسهم، أو مواد أولية، أو عملات أجنبية في المستقبل، لكن بسعر ثابت يُحدد مسبقاً.
كما تتيح هذه السوق للمستثمرين فرصة تداول منتجات مالية تساعدهم في إدارة المخاطر المرتبطة بتقلبات الأسعار، حيث تمكنهم هذه المنتجات من تحديد الأسعار مسبقا قبل تاريخ المعاملة. و بالتالي التقليل من حجم المخاطر الناتجة عن تقلبات الأسعار والأوضاع الاقتصادية، سواء بالنسبة للشركات أو المستثمرين.
وقد عرف اليوم تنظيم حفل التوقيع على هذا الاتفاق حضرته كم من نادية فتاح وزيرة الإقتصاد و المالية، و عبد الرحيم بوعزة المدير العام لبنك المغرب و نزهة حيات رئيسة الهيئة المغربية للرساميل.
وفي كلمة لها خلال هذا الحفل أكدت وزيرة الاقتصاد و المالية على، أن هذه الانطلاقة تعتبر لحظة تاريخية.إذ سيساهم سوق العقود الآجلة في استكمال السوق المالية المغربية، مما سيمكن من تنويع مصادر التمويل مع ضمان أمان وشفافية المعاملات.
ومن جانبها أكدت نزهة حيات رئيسة الهيئة في كلمتها أمام الحضور على أن تنفيذ هذه الإجراءات سيساهم في تعزيز مساهمة سوق الرساميل في تمويل الاقتصاد الوطني، عبر الاستفادة من قدراته الكبيرة في جمع المدخرات وتوجيهها نحو تمويل الاستثمارات الإنتاجية.
كما اعتبرت رئيسة الهيئة على أن هذا النوع من الأسواق والأدوات المالية الجديدة يتطلب إنشاء نظام إشراف يناسب تعقيدها ومكوناتها التكنولوجية.
وأضافت حيات إلى أن المغرب أصبح بذلك ثاني مركز مالي في إفريقيا يمتلك سوقاً آجلة، مما يوفر للمستثمرين أدوات تحوط أكثر تطورا.
وشددت حيات على أن سوق المشتقات هو السوق الذي تظهر فيه أعلى مستويات المرونة. وهذا يفسر الدور المركزي الذي ستلعبه غرفة المقاصة في إدارة مخاطر هذا السوق. وبالتالي، جنبًا إلى جنب مع البنى التحتية الأخرى للسوق، حيث تشكل غرفة المقاصة عنصرًا أساسيًا في استقرار السوق نظرًا للأمان والشفافية التي توفرها.
وأضافت رئيسة الهيئة على أن الأدوات المالية الآجلة تعتبر منتجات معقدة نسبيًا وتنطوي على مخاطر جوهرية كبيرة.
وقالت حيات أن جميع هذه العناصر تدفعنا إلى النظر إلى ما هو أبعد من الدور التقليدي للسلطات في حماية المستثمرين والحفاظ على نزاهة الأسواق، وذلك من خلال استباق ظهور مخاطر جديدة، وأخذ المخاطر المرتبطة بترابط مختلف مكونات القطاع المالي بعين الاعتبار، مع الحرص على مواكبة تطوير أسواقنا.
و أوضحت المسؤولة على أن المقاربة الشاملة التي اعتمدها كل من وزارة الاقتصاد والمالية والهيئات التنظيمية للقطاع المالي في السنوات الأخيرة، والتي نسعى إلى تعزيزها،تتوافق مع هذا التوجه، حيث يتضح ذلك من خلال إنشاء لجنة التنسيق ومراقبة المخاطر النظامية منذ عدة سنوات، وإنشاء سوق العقود الآجلة مؤخرًا، وأخذ بُعد التنمية المستدامة والشاملة في الاعتبار ضمن مختلف استراتيجيات القطاع المالي.
وأفادت رئيسة الهيئة في كلمتها بالنهج المتبع في تنفيذ هذا المشروع، وهو نهج تدريجي وشامل في تطبيق المعايير والمنتجات. ويأتي ذلك بهدف تحقيق تطوير تدريجي ومستدام لهذا السوق الجديد، بما يلبي توقعات الفاعلين في السوق، وكذلك يتماشى مع أفضل المعايير في ما يخص حماية المستثمرين وإدارة المخاطر.
وأضافت حيات أن البورصة بدأت في تلقي أولى طلبات الترخيص من الأعضاء المستقبليين المتعاملين والمقاصة في سوق المشتقات، كما استلمنا مؤخرًا الملف الخاص بأول منتج مشتق قد يتم إدراجه في بورصة المشتقات بواسطة الشركة المسؤولة عن إدارة سوق المشتقات.
و اختتمت المسؤولة كلمتها بدعوة الفاعلين الذين لم يقدموا طلباتهم بعد إلى القيام بذلك. مشيرة الى أن الهيأة جاهزة لتقديم الدعم والمساعدة في هذه العملية.