24 ساعة-متابعة
يشيد تقرير صادر عن معهد “كارنيغي” بالتحول الاقتصادي والبيئي الذي شهده المغرب خلال الربع قرن الماضي. فقد نجح المغرب، بفضل استثمارات ضخمة في البنية التحتية وتبني استراتيجية طموحة للطاقة المتجددة، في جذب الاستثمارات الأجنبية وتعزيز مكانته في الاقتصاد العالمي. كما حقق تقدماً ملحوظاً في مجال الطاقة النظيفة، حيث أصبح يعتمد بشكل متزايد على مصادر متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسي.
في ذات الصدد، كشف التقرير أن المغرب عرف خلال الربع قرن الماضي تحولاً اقتصادياً وبيئياً ملحوظاً، مشيرا إلى أن الحكومات المتعاقبة أطلقت أجندة تحديثية طموحة، استندت إلى رؤية بعيدة المدى.
و كشف التقرير، أن المغرب أطلق تحولاً نحو المزيد من الاستدامة، حيث حدد أهدافاً طموحة للطاقة المتجددة وحفظ المياه، فبعد الاعتماد التقليدي على واردات الطاقة، انطلق المغرب منذ عام 2009 نحو نموذج نمو أكثر استدامة، وذلك بتبني الاستراتيجية الوطنية للطاقة’ وتركزت هذه الاستراتيجية على ثلاثة محاور رئيسية: زيادة الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة الطاقة، وتعزيز التكامل الإقليمي.
وأشار التقرير إلى أنه وفي عام 2015، حدد المغرب هدفاً جديداً يتمثل في زيادة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة إلى 52٪ بحلول عام 2030، ارتفاعاً من الهدف الأولي البالغ 42٪.
ومن الإنجازات البارزة في هذا الصدد، بناء أكبر مجمع للطاقة الشمسية المركزة في العالم، “نور”. واستثمرت في هذا المشروع جهات مانحة عامة ومستثمرون خاصون، بما في ذلك مجموعة “أكوا باور” السعودية، بمبلغ إجمالي قدره 3 مليارات دولار.
واعتباراً من عام 2023، تشكل مصادر الطاقة المتجددة 37٪ من الطاقة الكهربائية المركبة في المغرب، مع غلبة طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية.
وأبرز التقرير أنه رغم التقدم المحرز حتى الآن، لا تزال مصادر الطاقة المتجددة تمثل أقل من 20٪ من إجمالي إنتاج الكهرباء في البلاد، و10٪ فقط من إجمالي استهلاك الطاقة الأولية، الذي لا يزال يهيمن عليه الوقود الأحفوري.
ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، ينبغي للحكومة أن تتجاوز قطاع الكهرباء وتضع أهدافاً للطاقة المتجددة في القطاعين السكني والنقل.
كما يظل نقص التمويل عائقاً، خاصة بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة. وتشير بعض التقديرات إلى أن التحول الأخضر في المغرب سيتطلب حوالي 78 مليار دولار بحلول عام 2050.
أزمة المياه والخطط المستقبلية
و أوضح تقرير المعهد الأمريكي، أنه بالإضافة إلى الطاقة، يعد إدارة المياه قضية ملحة، حيث تعاني البلاد منذ فترة طويلة من ندرة المياه الحادة، تفاقمت بسبب سلسلة من الجفاف في السنوات الأخيرة.
ولمواجهة هذا النقص، أطلق المغرب خطة إدارة المياه الوطنية 2020-2050. وتبلغ قيمة هذا البرنامج 40 مليار دولار، منها 13 مليار دولار مخصصة للفترة 2020-2027، حيث سيتم توفير ما يصل إلى 60٪ من المبلغ من قبل الدولة و40٪ من قبل المستثمرين من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ويتمثل الهدف في بناء تسعة محطات تحلية جديدة بحلول عام 2030، ليصل العدد الإجمالي إلى عشرين محطة بقدرة إجمالية تبلغ 1.4 مليار متر مكعب. بالإضافة إلى ذلك، سيتم تعزيز قدرة تخزين المياه العذبة من خلال تسريع بناء السدود والأحواض وزيادة حصة مياه الصرف المعاد استخدامها بعد المعالجة.
ورغم التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي حققه المغرب خلال الربع قرن الماضي، فإن التحديات المستقبلية تفرض نفسها بقوة. فقد ساهم المزيج الحكيم للإصلاحات الهيكلية والإصلاحات الرامية إلى زيادة الطلب في تمكين البلاد من تجاوز العديد من الأزمات والصدمات.
الديون والتحديات المالية
أبرز التقرير ذاته أن مستويات الدين العام والديون الخارجية للمغرب، زادت بشكل كبير بسبب جائحة كوفيد-19، حيث تجاوز الدين العام 80٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وتجاوز الدين الخارجي 50٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي هذا السياق، يوصي صندوق النقد الدولي بتنفيذ سياسة تقشف مالي لإعادة نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات ما قبل عام 2020.
ومع ذلك، فإن غياب الإصلاحات المالية التي من شأنها توفير المزيد من المساحة المالية قد يعرض تمويل الإصلاحات الهيكلية والاستثمارات اللازمة لدعم تحول الاقتصاد للخطر.
التحديات الجيوسياسية
وأضاف تقري المعهد الأمريكي، أن المخاطر الجيوسياسية تشكل عاملاً آخر يجب التعامل معه بحذر. فقد شهدت التوترات مع الجزائر والصراع المستمر مع جبهة البوليساريو الإرهابية حول الصحراء المغربية تصعيداً ملحوظاً منذ انهيار وقف إطلاق النار طويل الأمد في عام 2020.
ورغم حصول المغرب على دعم الولايات المتحدة وإسبانيا وفرنسا لخطة الحكم الذاتي المقترحة للصحراء، فإن العلاقات الدبلوماسية مع الجزائر، التي تدعم جبهة البوليساريو، وصلت إلى مستوى متدنٍ تاريخياً.
وخلص التقرير إلى أن هذه الظروف تستدعي استراتيجية لخفض التصعيد واستئناف المفاوضات لتجنب سباق تسلح مكلف يستنزف الموارد المالية في وقت تحتاج فيه البلاد إليها بشدة.