24ساعة-متابعة
شكل قرار دولة بنما بسحب اعترافها بالكيان الأنفصالي،المتمثل في جبهة البوليساريو، تقدماً كبيراً للدبلوماسية المغربية، التي تضاعف نجاحاتها في أمريكا الوسطى واللاتينية.
ويمثل هذا التغيير بالطبع وعيا بحقائق الصراع حول الصحراء المغربية ويوضح الفشل التدريجي للدبلوماسية الجزائرية، التي لا تزال اليوم غير قادرة على نقل أطروحاتها المغلوطة.
وبما أن المصائب لا تأتي فرادى، ففي نفس اليوم، ليلة الجمعة 22 نوفمبر، علقت جمهورية الإكوادور اعترافها ب”الجمهورية الوهمية”.
وبحسب البيانات المتوفرة على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الإكوادورية، فقد تم رفع اسم الجمهورية المفترضة من القائمة الرسمية للدول ذات التمثيل الدبلوماسي المعتمد في كيتو.
كما أمرت الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية الانفصاليين بإغلاق المكتب التمثيلي للكيان الانفصالي ومغادرة البلاد.
وتظهر الصور ومقاطع الفيديو إغلاق التمثيل المفترض وإزالة العلم الزائف عن واجهة المبنى.
وبالعودة إلى جمهورية بنما، قررت تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان المعلن من جانب واحد، وبالتالي التكيف مع القانون الدولي.
بنما، التي اعترفت بهذا الكيان في البداية في عام 1978 تحت تأثير الأيديولوجيات الاشتراكية في ذلك الوقت وفي سياق الحرب الباردة، قامت الآن بمواءمة موقفها مع موقف العديد من البلدان الأخرى في المنطقة؛ وتفضيل التعاون العملي وتعزيز العلاقات الثنائية مع المغرب.
وهذا التغيير في المسار البنمي هو، بطبيعة الحال، نتيجة لاستراتيجية مغربية فعالة، تقوم على دبلوماسية استباقية ومتعددة الأبعاد.
لقد تمكن المغرب من مضاعفة المبادرات لتعزيز رؤيته للصحراء المغربية، استنادا إلى مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، المعترف به على نطاق واسع كحل واقعي وذو مصداقية.
وقد وجد هذا النهج صدى إيجابيا في منطقة أقام فيها المغرب علاقات اقتصادية وثقافية وسياسية متينة.
وقد ساهمت الزيارات رفيعة المستوى وتكثيف التبادلات التجارية ودور الجالية المغربية في أمريكا اللاتينية في هذه الديناميكية الإيجابية.
لقد فقدت تصرفات جبهة البوليساريو، المدعومة من الجزائر، أهميتها، خاصة بسبب مغالطة أطروحاتها التي لم تعد تصمد أمام اختبار الحقائق.
إن تطور تموضع العديد من دول أمريكا اللاتينية، بما في ذلك غواتيمالا وباراغواي وتشيلي ومؤخرا الإكوادور، يشهد على تحول جيوسياسي لصالح المغرب.
وهذه الدول، التي كانت متأثرة في السابق بالخطابات الأيديولوجية لجبهة البوليساريو، تتبنى الآن موقف الحياد البناء أو تدعم صراحة الوحدة الترابية للمملكة.
ويعكس هذا التحول الإقليمي أيضًا فشل الدبلوماسية الجزائرية، التي تسعى جاهدة إلى حشد الدعم على المستوى الدولي.
ولم تعد الجزائر، التي تواجه فقدان نفوذها الإقليمي، قادرة على الإقناع. ولم تتمكن استراتيجيتها، التي تعتمد إلى حد كبير على التمويل الضخم للحملات المؤيدة للبوليساريو والخطاب الذي عفا عليه الزمن، من التكيف مع السياق الدولي المتغير، حيث يسعى الشركاء قبل كل شيء إلى إقامة تحالفات عملية ومفيدة.
ويؤكد تراجع الاعتراف بالجمهورية الوهمية المعلنة ذاتيا على نطاق عالمي هذا الضعف.
ومن جانبه، أثبت المغرب نفسه كلاعب لا مفر منه في الجنوب العالمي، مسلطا الضوء على سياسة التعاون بين بلدان الجنوب التي رحبت بها العديد من الدول.
إن قدرتها على التعبئة حول المشاريع المشتركة، وخاصة في مجالات الزراعة والبنية التحتية والطاقة المتجددة، تعزز صورتها كشريك موثوق ومبتكر.
وبالتالي فإن قرار بنما يشكل جزءا من ديناميكية يستفيد فيها المغرب من استقراره السياسي ونموذجه التنموي الاقتصادي ودوره كوسيط ثقافي وروحي.
وفي عالم يزداد استقطابا، تمكنت المملكة من وضع رؤيتها للحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتبارها الحل الأكثر واقعية ودائما.
وفي المقابل، فإن الدبلوماسية الجزائرية، التي ركزت لفترة طويلة على نهج إيديولوجي وغير مرن، بدأت تفقد شعبيتها.
وبالتالي فإن الانسحاب البنمي يشكل انتصارا مدويا للمغرب وهزيمة جديدة لجبهة البوليساريو وداعمتها الرئيسية الجزائر.
وهذا يؤكد أن الجهود الدبلوماسية التي تبذلها المملكة، المبنية على البراغماتية واحترام المصالح المشتركة، لا تزال تؤتي ثمارها في مناطق رئيسية مثل أمريكا اللاتينية.
وبينما تنحصر الجزائر في منطق المواجهة ودعم قضية تفقد شرعيتها، يواصل المغرب تقدمه، ويعزز موقعه على الساحة الدولية، ويعزز سيادته على الصحراء المغربية.