الرباط-أسامة بلفقير
نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية ”إيرنا” صورة تجمع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، وبجانبه نظيره الإيراني عباس عراقجي، على هامش المنتدى العالمي العاشر لتحالف الحضارات المنعقد في بلدة كاشكايش بضواحي لشبونة.
وتناقلت مواقع إيرانية عديدة، الصورة التي نشرتها الوكالة، أمس الثلاثاء 26 نونبر الجاري، والتي يظهر من خلالها بوريطة وبجانبه وزير خارجية إيران عراقجي، يجلسان في إحدى قاعات المنتدى.
ويأتي اهتمام وسائل الإعلام الإيرانية بصورة بوريطة- عراقجي، في ظل الحديث عن تقارب بين الرباط وطهران.
وكانت مصادر مطلعة قد أفادت بأن هناك تحركات دبلوماسية حثيثة لإعادة العلاقات بين المملكة المغربية وإيران، وذلك بعد سنوات من القطيعة.
يأتي هذا التطور في ظل التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، والتي دفعت العديد من الأطراف إلى إعادة تقييم تحالفاتها وسياساتها الخارجية.
وأشارت المصادر إلى أن دولا عربية تلعب دور الوسيط الرئيسي في هذه المشاورات، وذلك بفضل علاقاتها الجيدة مع كلا البلدين.
وقد أكدت المصادر أن هناك تقدمًا ملحوظًا في هذه الحوارات، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا أمام تحقيق مصالحة شاملة.
وقد ذكرت المصادر أن المغرب يضع شروطًا واضحة لإعادة العلاقات مع إيران، أبرزها سحب الدعم عن جبهة ”البوليساريو” ووقف أي شكل من أشكال المساعدة لهذه الحركة. ويعتبر المغرب هذا الشرط خطًا أحمر، حيث يرى فيه تهديدًا لوحدة أراضيه.
في سياق متصل، ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، التقى، نظيريه المغربي ناصر بوريطة والإيراني عباس عراقجي، كل على حدة، على هامش المنتدى العالمي الـ10 لتحالف الحضارات في كاسكايس، الذي يقام في البرتغال.
ولم يكشف أي جانب عن تفاصيل إضافية تتعلق بما تم مناقشته في الاجتماعين، لكن من المرجح، وفق تقارير إعلام إسبانية، أن المحادثات بين ألباريس وعراقجي على الأقل، شملت العلاقات الثنائية والوضع الدولي، مع تركيز خاص على الصراع في الشرق الأوسط، خاصة فيما يتعلق بإيران.
أما المغرب، فلم تُقدم كذلك تفاصيل حول الاجتماع بين ألباريس وبوريطة. ومع ذلك، فقد كان التواصل بينهما مستمراً منذ استئناف العلاقات عقب دعم مدريد لمغربية الصحراء في مارس من سنة 2022.
وفي كلمة له خلال المنتدى، قال ناصر بوريطة، إن المغرب، من خلال خياراته وأفعاله، يرسم مسارا متميزا وتجربة فريدة، تمثلان مصدر إلهام لتحالف الحضارات وأعضائه، مسجلا أنه ”تحت قيادة الملك محمد السادس، لم يقتصر المغرب على الإشادة بالحوار، بل جسده على أرض الواقع”.
وشدد بوريطة، مقتبسا عبارات من الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس، للمشاركين في المنتدى العالمي التاسع لتحالف الحضارات، على أن المملكة منخرطة في التحالف أولا ”لأسباب جوهرية نابعة من صميم هوية المغرب، ثم لأسباب ترتبط أساسا بالتزاماتها”، مضيفا أن المغرب، وفقا لما قاله الملك، ”يعزز الانفتاح كثقافة للسلام” و”يعيش الدين كآلية لإشاعة للسلام” و”يعمل من أجل التنمية كركيزة للسلام”.
وأضاف بوريطة أن ”الملك محمد السادس يقولها لكل من يسمع: إن المستقبل يبنى بأياد ممدودة وليس بقبضات مشدودة”، مؤكدا أن ”هذا المستقبل بالنسبة للمغرب يمر عبر إفريقيا”.
وتابع قائلا ”إفريقيا وعد حي لها وللعالم، إفريقيا بوتقة تنصهر فيها العديد من الرهانات: الشباب والمناخ والأمن الغذائي والهجرة والحوار بين الأديان”، مشيرا إلى أن إفريقيا هي أيضا ”أرض الحلول”، وهي خزان حيوية البشرية ونمو العالم.
واعتبر الوزير أن التحالف يجب أن يمد يده أكثر إلى هذا القارة التي تمثل كل الآمال، معربا عن أسفه لأن إفريقيا ممثلة تمثيلا ناقصا في التحالف، حيث لا تشكل سوى 20 بالمائة من أعضاء مجموعة الأصدقاء، بالكاد منهم 15 بالمائة من منطقة جنوب الصحراء. وقال: ”هذا الإجحاف الاستراتيجي يسقط جانبا مهما من منظور أساسي”.
وأكد بوريطة أن المغرب يدعو إلى بناء جيوسياسية تضامنية حقيقية أكثر من مجرد جبر الضرر، مشيرا إلى أن تحالف الحضارات هو المنتدى المثالي لهذا الغرض، لأنه قادر على صياغة توافقات أخلاقية، لا سيما في مواجهة التحديات المناخية والإنسانية والصحية والتكنولوجية.