الرباط-عماد مجدوبي
يواجه البرلمان المغربي تحديا كبيرا في تنزيل مقتضيات مدونات الأخلاقيات البرلمانية، وذلك بعد أول اختبار له لمحاولة محاربة ظاهرة البرلمانيين ”السلايتية” الذين يتغيبون عن الجلسات.
قرار مجلس النواب، بتلاوة أسماء النواب المتغيبين عن الجلسات يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والمساءلة. ففضح هذه الغيابات يضع النواب أمام مسؤولياتهم ويحملهم على تبرير غيابهم، إن كان هناك مبرر مقبول.
كما يساهم هذا الإجراء في زيادة الضغط على النواب لحضور الجلسات والمشاركة الفعالة في النقاشات. إلا أن القرار لقي مواجهة شديدة من البرلمانيين وأحزابهم، ما دفع مكتب المجلس إلى التوجه نحو تقديم اعتذار لمن تمت تلاوة أسماءهم.
وكان الملك محمد السادس، قد دعا إلى ضرورة تخليق الحياة البرلمانية وإقرار مدونة للأخلاقيات تكون ذات طابع قانوني ملزم، وذلك في رسالة وجهها، يناير الماضي، إلى المشاركين في الندوة الوطنية المخلدة للذكرى الستين لإحداث البرلمان المغربي.
وشدد الملك على أهمية تغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين على الحسابات الحزبية، مؤكداً أن ذلك يعد من أبرز التحديات التي ينبغي رفعها للسمو بالعمل البرلماني.
ودعا الملك إلى تحقيق الانسجام بين ممارسة الديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، والعمل على الرفع من جودة النخب البرلمانية والمنتخبة، وتعزيز ولوج النساء والشباب إلى المؤسسات التمثيلية.
وأكد الملك على الدور الحاسم الذي يجب أن يضطلع به البرلمان في نشر قيم الديمقراطية وترسيخ دولة القانون، وتكريس ثقافة المشاركة والحوار، وتعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة.
وسارع البرلمان إلى التجاوب مع الرسالة الملكية عبر إقرار مدونة الأخلاقيات البرلمانية، تحمل بنودا سعت للقطع مع بعض الأساليب التي تسيء للمؤسسة التشريعية، لكن حين مباشرة تنزيلها بـ ”فضح” البرلمانيين المتغيبين، جوبهت بقوة.
ظهر ذلك، حين أثار قرار تلاوة أسماء نواب برلمانيين متغيبون في جلسة للأسئلة الشفهية، خلال الأسبوع الجاري، غضباً عارما في أوساط النواب، مبررين ذلك بأن تلاوة أسمائهم مخالفة صريحة للنظام الداخلي للمجلس، الذي ينص على إجراءات محددة لتسجيل الغياب وتوجيه الإنذارات، مطالبين بالحق في تقديم اعتذار لهم.
تثير هذه القضية تساؤلات حول الشفافية والمساءلة داخل مجلس النواب. كما تلحق الضرر بصورة البرلمان وتشعر المواطن المغربي بالإحباط عندما يرى مثل هذه المشاهد، مما يقوض ثقته في المؤسسات الدستورية.
يتطلب الوضع إجراء إصلاحات عميقة في النظام الداخلي للمجلس، وتعزيز آليات الرقابة والمساءلة. كما يجب العمل على تعزيز ثقافة احترام القانون داخل المؤسسة التشريعية.
كما تتحمل الأحزاب السياسية جزءاً من المسؤولية في هذه الأزمة. فغياب الانضباط الحزبي وتغيب بعض النواب عن الجلسات بشكل متكرر يساهم في خلق مثل هذه المشاكل.