شيماء بخساس
بعد تنبيه الملك محمد السادس الأمم المتحدة، إلى خطورة الوضع الأمني في منطقة الكركرات، بسبب تصرفات الخطيرة لعناصر جبهة البوليساريو الانفصالية، قررت المملكة سحب أحادي لقواتها من المنطقة، استجابة لدعوة الأمم المتحدة.
وطلب الملك محمد السادس من الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ إجراءات عاجلة، للحد من بعض الممارسات التي تهدد اتفاق وقف إطلاق النار وحالة الاستقرار الإقليمي بالصحراء المغربية.
وطالب أنطونيو غوتيريس، الأمين العام لأمم المتحدة بسحب كل من المغرب والبوليساريو لعناصرهما المسلحة في المنطقة العازلة بدون شروط، مشددا على ضرورة الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، وذلك بعد إجرائه مكالمة هاتفية مع ملك محمد السادس، واستقباله بعد ذلك لقيادي في جبهة البوليساريو الإنفصالية.
وحول هذه الموضوع، يقول د.فؤاد فرحاوي، الخبير في الشؤون الاستراتيجية الآفروآسيوية، في تصريح لصحيفة” 24 ساعة” الإلكترونية، إن “قرار انسحاب المغرب بمنطقة الكركرات، يروم لفت انتباه المنتظم الدولي، إلى مسؤوليته اتجاه تحركات البوليساريو، في المناطق معزولة السلاح، وهذه الخطوة هي بمثابة عملية استباقية لما ما يمكن أن تضفي إليه أي تصعيد أو تحرك قادم للبوليساريو في المنطقة، أي أن المغرب يضع في اعتباره، سيناريو أن تلجأ البوليساريو بدعم من الجزائر إلى تحركات أخرى لاسيما بعد عودة الرباط إلى اتحاد الإفريقي”.
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن “البوليساريو سبق لها، أن لجأت إلى مثل هذه التصرفات قبل سنوات في موقع “بئر الحلو” ومنطقة تيفاريتي، ونبه المغرب حينها إلى هذا الأمر، لكن هذه المرة يبدو أن هناك تحولا، فيما يخص تعامل المغرب مع هذا الموضوع، مبني على أساسين، الأول: عسكري، إذ قام المغرب قبل فترة بعملية تمشيط في هذه المنطقة، وطرد فلول البوليساريو، أما الثاني، فأرى أنها ذات طبيعة سياسية ببعد دولي، حيث وضع البوليساريو في مأزق سياسي أمام المنتظم الدولي ويعفي المغرب من مسؤولية سياسية إذا ما تحرك مستقبلا لإعادة الوضع إلى ما كانت عليه إبان التوقيع على اتفاقية وقف إطلاق النار عام 1991″.
أما عن الخطوة المغربية على مدى البعيد، يرى د.فؤاد فرحاوي إن هذه الخطوة يمكن ” إدراجها في سياق، حماية المشاريع الإقتصادية، التي تعبر هذه المنطقة من المغرب نحو موريتانيا وغرب إفريقيا، إذ هناك ثلاث مشاريع رئيسية على أقل، يمكن أن تعطي بعدا استراتيجيا لهذه المنطقة”
وفقا للمتحدث ذاته، ” المشروع الأول هو أنبوب الغاز المزمع إنشاؤه من نيجيريا نحو المغرب، وهذا الأمر يحتاج إلى تأمين الممرات، وخطوة المغرب تفيد أنه لن يبقى مكتوف الأيدي لإنجاز مشاريعه الاقتصادية ذات الطابع الإقليمي. أما المشروع الثاني، فترتبط بالخطط الاقتصادية والبنيات التحتية التي سبق الإعلان عنها عند انعقاد المجلس الوزاري في فترة سابقة في مدينة العيون، وهي الخطط التي يمكن أن تؤدي إلى الرفع من الحركة الاقتصادية في الصحراء المغربية بربطها بالديناميات الاقتصادية في غرب إفريقيا عبر موريتانيا. أما المشروع الاقتصادي الثالث، هو الذي أعلن عنه المغرب قبل أيام، بطلبه الانضمام إلى المجموعة الاقتصادية بغرب افريقيا، وأكيد إذا وافقت هذه الدول على طلب المغرب، سترتب عنه حركية اقتصادية، بين المغرب ودول غرب افريقيا، علما أن موريتانيا تعد الدولة الأولى ضمن هذه المجموعة”.
وعن تحركات البوليساريو في هذه الفترة، قال المتحدث ذاته، في نفس التصريح إن ” تحركات الجبهة الانفصالية، لا يمكن أن نفصلها على الانتكاسة التي تعرضت لها، بعد أن عاد المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، إضافة إلى أن مشروع أنبوب الغاز بين نيجريا والمغرب، يثير قلق مشاريع أخرى في المنطقة، علما أن مثل هذا المشروع كان مطروحا قبل عشر سنوات، ليمر عبر الجزائر، غير أن الأخيرة كانت تعرقله بحجة التوترات الأمنية في شمال مالي، مخافة أن ينافسها الغاز النيجيري في أوروبا، وأشير في هذا السياق أن روسيا قلقة أيضا من أي مشروع لمد أوروبا بالغاز حتى لا تتضرر مصالحها الاقتصادية باعتبارها أحد المصدريين الأساسيين للغاز نحو أورو
الوأضاف المتحدث ذاته أن “لا أحد يعرف ما هي الخطوات، التي سيقدم عليها المنتظم الدولي، لإجبار البوليساريو لانسحاب الفعلي والنهائي من منطقة الكركرات، ولكن لا نستبعد أن تتعنت البوليساريو، من أجل أن تفرض إيقاعا جديدا لقضية الصحراء، خصوصا بعد عودة المغرب إلى اتحاد الإفريقي، ولا يجب أن ننسى أننا على بعد أكثر من شهر من إعادة طرح قضية الصحراء من جديد داخل مجلس الأمن، إذ كل ما اقترب شهر أبريل من كل سنة، إلا وسعت البوليساريو إلى خلق أجواء ساخنة، يوازي النقاش داخل الأمم المتحدة. ومن المحتمل أيضا أن تسعى البوليساريو إلى إحراج المغرب بجر الاتحاد الإفريقي لمناقشة ملف الصحراء المغربية داخل مؤسساته، لإثارة الشكوك حول نوايا عودة المغرب إلى الاتحاد، أو عرقلة المشاريع التي المغرب بصدد تطوريها مع عدد البلدان الإفريقية. وفي هذا السياق يجب الانتباه إلى دلالات الخطاب الملكي في قمة “الاتحاد” الأخيرة بإثيوبيا عندما قال بأن المغرب لم يأتي ليفرق بين الأفارقة”.