في هذا الحوار، يتحدث شريف أدرداك رئيس جمعية أمازيغ صنهاجة الريف، عن خلفيات مطالبتهم بالحكم الذاتي للريف، كما يضع المتحدث مقاربة بين قضية الريف والصحراء المغربية، كما يثعرج أدرداك للرد على الانباء التي تفيد بوجود دول تدعم النشطاء الداعين للحكم الذاتي بالريف.
حاوره: اسامة بلفقير
1ـ ما هي سياقات مطالبتكم بالحكم الذاتي للريف؟
نحن لم نتحدث عن الريف ولم نستعمل قط هذا المصطلح الذي مازال يخيف الدولة ويذكرها بجمهورية محمد بن عبد الكريم الخطابي إبان فترة الحماية، وكذا بالدعوة الانفصالية التي يطلقها البعض. لقد كنا واضحين جدا، وطالبنا بمنح حكم ذاتي للمنطقة المسماة “شمال المغرب” التاريخي التي حددتها اتفاقية 1904، والتي تم تقليص مساحتها بعد تفعيل معاهدة الحماية. هذه الجهة ممتدة من ملوية شرقا إلى اللوكوس غربا، ومن البحر المتوسط شمالا الى ورغة جنوبا، والتي تضم قبائل جبالة، غمارة، صنهاجة والريف الاثنين بالاضافة لبعض القبائل العربية على الساحل الاطلسي. بمعنى ان مطلبنا ليس قبليا أو عرقيا، فرؤيتنا للحكم الذاتي تنطلق من معطيات تاريخية واقتصادية، كما أننا أكدنا على أن هذا المطلب يدخل في إطار التفاعل الايجابي مع مشروع الجهوية الموسعة الذي تبناه المغرب وأقره دستور 2011.
2- لا توجد أي أوجه تشابه بين الريف والصحراء حتى يتسنى لكم الحصول على الحكم الذاتي. ما قولكم؟
مبادرة المغرب الرامية لإعطاء حكم ذاتي للصحراء، جاءت كحل لمشكلة الصحراء التي يتحمل مسؤوليتها من وقعوا على اتفاقية ايكس ليبان التي منحت استقلالا جزئيا للمغرب مقابل جلوس النخبة الفاسية- الاستقلالية على الكراسي والعمل على القضاء على المقاومين الذين حملوا السلاح في وجه الاستعمار، وحماية مصالح فرنسا. هذا الامر استغله آنذاك شباب من الصحراء ولقوا دعما دوليا فتطورت الامور إلى ان وصلت الى ما هي عليه الان. إذن الحكم الذاتي هي مصالحة من الدولة مع المواطنين المغاربة الصحراويين، واعتراف ضمني بخصوصياتهم الثقافية والتاريخية.
منطقة الشمال أيضا لها خصوصياتها الثقافية والتاريخية، فقد كانت خاضعة للحماية الاسبانية، وبعد رجوعها لحظيرة الوطن وقعت انتفاضة شعبية في الريف بسبب سوء الفهم الذي حصل بين القصر والسكان الذين راحوا ضحية صراع حزب الاستقلال مع المخزن من أجل الحكم. ومنذ ذلك الوقت والمنطقة تعاني من التهميش والتهجير، حيث عملت الدولة على جعلها منطقة لزراعة الكيف والتهريب، إلى ان جاء الملك محمد السادس الذي أبان عن عطفه المولوي اتجاه المنطقة وأعطى اهتماما بالغا لتنميتها مقارنة بالفترة التي سبقته والتي عرفت توترا بين سكان المنطقة والقصر.
حاليا، النزعة الانفصالية توجد في الصحراء وكذا لدى بعض الريفيين، وأعتقد أن ما يذكي هذه النزعة هو النظام المركزي الذي يعتمده المغرب والذي جاءت به فرنسا. فمازال نظام الحكم عندنا يعتمد على الاعيان والوسطاء بين الساكنة والمركز، وهو ما يساهم في تفاقم المشاكل التي تؤدي الى الاحتجاجات الشعبية كما هو حاصل حاليا باقليم الحسيمة. لهذا فتبني سياسة الحكم الذاتي سيخلص الدولة المركزية من اتهامات ومشاكل عديدة تعاني منها حاليا، كما انه لا يمكن أن نعيش في دولة واحدة بحقوق وواجبات متفاوتة، فلن يقبل أي مواطن حر أن يكون مواطنا من الدرجة الثانية، بينما يكون الصحراويون مواطنين من الدرجة الأولى.
خلاصة القول، نحن نؤمن بأن كل منطقة تاريخية في المغرب من حقها أن تتمتع بحكم ذاتي وفق ثوابت السيادة المغربية، فمملكتنا كانت مملكة مبنية على جهوية غير مركزية قبل الإستعمار، وما ينطبق على الصحراء والشمال ينطبق على الشاوية، الشرق، الاطلس، سوس…
3ـ ما هي المشاكل التي تعتقدون بأن الحكم الذاتي سيساهم في حلها بشمال المغرب؟
أعتقد بان الحكم الذاتي سيساهم في حل مجمل المشاكل التي تعاني منها المنطقة، وعلى رأسها إشكالية الكيف. فالحكم المركزي الحالي يحتم علينا انتظار قرارات مركزية قادمة من الرباط من مسؤولين لا يعرفون خصوصية المنطقة وغير واعين بالمشاكل التي تعاني منها الساكنة، بالاضافة إلى كون بعضهم يحملون غلا اتجاه المنطقة لاسباب تاريخية او عرقية. كما أن عيوب النظام المركزي تتجلى في تقسيمه للثروة بشكل غير عادل، وهذا هو أساس كل المشاكل التي نتخبط فيها.
فالتقرير الأخير للخارجية الأمريكية قال بأن مداخيل الحشيش تقدر ب 23 مليار دولار اي ما يعادل 23 في المائة من الناتج الداخلي الخام للمغرب، وهذه ثروة حقيقية تستدعي منا أن نتساءل عن مصير هذه الثروة؟! فبلاد الكيف تعاني التهميش من جميع الجوانب، وهذه الثروة ليس لها أثر لا على الانسان ولا المجال في منطقتنا.
إضافة لذلك، فالمنطقة معروفة بعائدات جاليتنا المغربية المقيمة بالخارج، بالإضافة لعائدات التجارة القائمة على تهريب السلع من سبتة ومليلية المحتلتين.
الحكم الذاتي سيمكن كل منطقة من استغلال خيراتها بشكل ايجابي، مع تفعيل مبدا التضامن بين الجهات والذي اشار اليه القانون الجديد الخاص بالحهوية.
4- ما هي الدول الاجنبية التي تدعم طرحكم في المنتظم الدولي؟
في الحقيقة هذا السؤال يضحكني، لان أغلبية منتقدينا يعتقدون بان وراء جميع خطواتنا، بما فيها مطالبتنا بالحكم الذاتي، جهات أجنبية، لأنهم تعودوا على سياسة تخوين الآخر وهذا ما يضعف الساحة النضالية بالمغرب.
لاكون واضحا، نحن وطنيون ومغاربة نؤمن بثوابت الدولة ونشتغل من داخلها وفقا للقوانين الجاري بها العمل، ولا تجمعنا أية علاقة بجهة أجنية او وطنية، فنحن مستقلون في عملنا وتفكيرنا. أما مطلبنا الأخير القاضي بتمكين شمال المغرب من الحكم الذاتي، فهو اجتهاد منا فقط، قد يعجب بعضهم وقد يثير حفيظة الكثير، لأن كل فكرة جديدة تجد امامها عراقيل فكرية اولا من لدن ابناء المنطقة قبل المسؤولين أو ساكنة المناطق الاخرى.
فقد تلقينا انتقادات من طرف اشخاص مهمتهم الدائمة هي مراقبة عملنا داخل الجمعية، فلا شيء يعجبهم، لكن لا يمكن أن نرد على جميع المنتقدين، لاننا نعلم بان كل واحد منهم يتحدث بخلفية معينة، ومنهم من لا يفهم عما نتحدث، إلى درجة أن بعضهم إعتقد بأننا نطالب بالاستقلال.
لكن على العموم فنحن نؤمن باختلاف الرأي والحوار والنقاش، بعيدا عن لغة التخوين والسب، ونرحب بجميع الأراء من أجل إغناء النقاش، لأن الهدف الرئيسي هو المساهمة في إخراج المنطقة من التهميش الذي تعيشه، وهذا هو العمل الذي نقوم به من داخل جمعيتنا.