مرة بعد أخرى، يثبت رجال عبد الحق الخيام في “المكتب المركزي للأبحاث القضائية” ريادة هذا الجهاز على المستوى العربي والإفريقي، بل أنه أضحى ينافس كبريات مكاتب التحقيقات والأمن على المستوى العالمي، ومرد ذلك إلى مختلف الإنجازات الأمنية الكبرى التي بصم عليها أفراد ومصالح هذا المكتب، والتي أبعدت عن المملكة ويلات جرائم خطيرة ومنظمة، بكل تلويناتها، وبفضل تدخلات رجال “FBI” المغرب، التي تتميز بالاستباقية والجمع بين الأمن والحريات في العمليات الأمنية، ناهيك عن النجاعة والفعالية.
كثيرا ما نتحدث عن الصيد الثمين الذي تصطاده اليد الأمنية الحديدية الذكية للمكتب المركزي للأبحاث القضائية، واليوم نذكر ما حققه أبطال الخيام رفقة زملائهم في مصالح مديرية مراقبة التراب الوطني “ديستي”، إذ أفلحت مصالح المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بتعاون وثيق مع مصالح المديرية العامة للأمن الوطني، وبناء على معلومات دقيقة وفرتها المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في اعتقال 10 أشخاص يشتبه في ارتباطهم بشبكة إجرامية منظمة تنشط في مجال الاتجار الدولي في مخدر الكوكايين.
وأسفرت هذه العملية النوعية عن حجز كمية قياسية من مخدر الكوكايين الخام ناهزت 2588 كيلوغراما. وقالت المديرية العامة للأمن الوطني إن المعلومات الأولية للبحث تشير إلى أن شحنة الكوكايين المحجوزة هي من الكوكايين الخام، الذي تتضاعف كميته الإجمالية ثلاث مرات بعد تصنيعه وعرضه للتداول في السوق بقيمة مالية تناهز مئات الملايير. كما أكد البحث أن هذه الشبكة الإجرامية لها امتدادات في عدة مدن مغربية، بينما يجري حاليا رصد ارتباطاتها المحتملة بشبكات إجرامية أخرى تنشط في مجال الاتجار في المخدرات على الصعيد الدولي.
وخلال سنة 2015، على سبيل المثال لا الحصر، بالنظر إلى الحصيلة المتطورة يوميا لإنجازات المكتب، صرّح عبد الحق الخيام سابقا للصحافة الوطنية بأنه في 2015 تم تفكيك 21 خلية ، وفي بداية 2016 تم تفكيك 6 خلايا، خمسٌ منهم لديهم ارتباط مباشر مع تنظيم الدولة، الذي يتزعمه البغدادي. أما عن عدد الأشخاص الذين تم تقديمهم عام 2015 من طرف المكتب المركزي للأبحاث القضائية فبلغ 275 شخصا، 15 منهم ذوو جنسيات مختلفة. كما تم تقديم 70 شخصا متورطين مع خلايا متطرفة. وقال الخيام أيضا أنه خلال 2015 تم تقديم 24 شخصا عادوا من بؤر التوتر، وفي بداية 2016 تم تقديم 16 شخصا، كلهم لهم علاقة بتنظيم “داعش”، وبالنسبة للعنصر النسوي كانت هناك أربع نساء تم تقديمهن في قضايا “التطرف”.
ويتكون المكتب المركزي للأبحاث القضائية، الذي رأى النور يوم 20 مارس 2015 بعد قرار مشترك لوزيرَي الداخلية والعدل والحريات، من نخبة من بين خيرة رجال الأمن الذين خضعوا لتكوينات دقيقة عالية المستوى داخل المغرب وخارجه في دول مثل فرنسا وأمريكا، كما سبق أن صرح بذلك رئيس المكتب، عبد الحق الخام، للصحافة الوطنية، والذي أكد أن تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية سبقته مجموعة من المراحل، أولها منح عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني الصفة الضبطية، من خلال التعديلات التي تمت بموجب القانون رقم 35.11 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية التي منحت المادة الـ20 منه الصفة الضبطية لرجال “ديستي” في 2011.
وتتنوع اختصاصات المكتب، إذ تتعلق بكل ما يرتبط بالتدخل عند محاولة المس بأمن الدولة، أو الجريمة المتطرفة، أو تتعلق بالعصابات الإجرامية، أو بالقتل والتسميم، أو بالاختطاف، وحجز الرهائن، وبجرائم صنع أو حيازة أو نقل أو ترويج أو استعمال الأسلحة أو المتفجرات أو الذخيرة، وفي قضايا الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وخوّل القانون المكتب المركزي القيام بمجموعة من الإجراءات الواردة في الفصل الـ108 من قانون المسطرة الجنائية، من قبيل التقاط المكالمات والاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، والتي تجري وفق القانون نفسه بأمر كتابي من قاضي التحقيق، أو بملتمس كتابي من الوكيل العام إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
وأشار رئيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية، في تصريحات سابقة للصحافة الوطنية، إلى أن مهام رجاله لا تنحصر فقط في التكوين العالي والدقيق لأطره، بل إن المكتب يتوفر على أكبر ترسانة للمعدّات المتطورة في مجالات التحليل الجنائي ووسائل الضبط والربط، ويستعين أفراده بآخر التقنيات في مجال مكافحة الجريمة، إضافة إلى التنسيق مع الجهاز الاستخباراتي، الذي يمكّن من الحصول على المعلومات بالدقة والجدة المطلوبين.
وبخصوص النشاط الريادي للمكتب على مستوى محاربة الإرهاب والتطرف، سبق للخيام أن أكد ، في حوار مع “فرانس 24″، أن المكتب المركزي للأبحاث القضائية يتبنى سياسة استباقية في التعامل مع مسألة التطرف والتنظيمات المتطرفة، قائلا “نقوم بتفكيك خلايا قبل المرور للتنفيذ أو الفعل”. وفي ما يتعلق بالحصيلة، كشف المسؤول الأمني للقناة ذاتها عن وجود مئات المغاربة في بؤر التوتر، في تنظيم الدولة ومع ميليشيات أخرى، وأن العديد منهم قد قُتلوا في هذه البؤر، إضافة إلى مجموعة عادت إلى المغرب.
وفي ما يتعلق بكيفية التعامل مع هذه الفئة، قال الخيام للقناة المذكورة إن “مصالح الأمن تتعامل معهم وفق القانون، والقانون يجرّم الالتحاق ببؤر التوتر، إذ نقوم بمهمتنا الأولى، أي توجيه الاستفسارات والقيام بالاستجوابات، ثم نحيلهم على النيابة العامة لتعميق البحث معهم”.
في الحوار ذاته، أكد الخيام قوة التعاون الاستخباراتي بين المغرب وموريتانيا مقابل ضعف تجاوب الإدارة الجزائرية، مشددا على أن “التعاون الإستخباراتي بين المغرب وحلفائه الغربيين مستمر وقوي، وأن المغرب حين يتوفر على معلومة تفيد إحدى الدول فإنه يتواصل معها ويبلغها إياها، كما وقع مع فرنسا وبلجيكا وغيرهما”.
ويمكن القول إن المكتب المركزي للأبحاث القضائية جهاز أمنيّ أثبت نجاعته عبر المساهمة بكفاية وفعالية في ترسيخ أسس المجتمع الديمقراطي وتحصين المكاسب الديمقراطية و توطيد الأمن والاستقرار وإدارة القرب ومأسسته؛ وبالتالي جعل المواطن يعيش داخل هذا المجتمع الديمقراطي التنموي في أمن وأمان.