24 ساعة ـ متابعة
سلط مقال نشره كاتب جزائري الضوء على ما يعتبره تناقضاً في طريقة تعامل الدول مع التصريحات الإعلامية في سياق التشنجات الدبلوماسية. مقارناً بين الأعراف السائدة والنهج الجزائري. فبينما تتذرع معظم الدول بـ “حرية الصحافة” للتنصل من مسؤولية تصريحات إعلامها المثيرة للجدل. مع التأكيد على أن الإعلام لا يعكس الموقف الرسمي وأن حق الرد مكفول، يرى الكاتب أن الجزائر تخالف هذه القاعدة بشكل صريح.
يشير الكاتب في مقاله الذي نشرته صحيفة “القدس العربي“، إلى أن السلطات الجزائرية تُظهر معنية بشكل مباشر بتصريحات الأكاديميين والمؤرخين، حتى تلك التي تُبث عبر وسائل إعلام أجنبية، مستشهداً بحالة الدكتور بلغيث وتصريحاته الأخيرة لقناة “سكاي نيوز” الإماراتية. كما تتحمل الدولة مسؤولية تصريحات وسائل إعلامها الداخلية، مهما بدت “سخيفة وغير مبررة”،
و يضيف الكاتب الى أن الأمر كاد يتسبب في أزمات دبلوماسية متعددة، وكان آخره مع قناة “الشروق نيوز” التي عوقبت بالغلق المؤقت بعد استخدام أوصاف عنصرية ضد مواطنين أفارقة. ويرى الكاتب أن هذه العقوبة. وغيرها من الإجراءات، قد لا تكون كافية لمعالجة “الأمراض” المتفشية في الفضاء الإعلامي الوطني.
ويؤكد الكاتب أن نقده هذا ليس دفاعاً عن سياسات دول أخرى، مثل الإمارات بل يشخص المقال أزمة عميقة ومتعددة الأوجه في الإعلام الوطني الجزائري. تمثلت في فقده لجزء كبير من حريته. مما يدفع المواطنين الجزائريين للبحث عن وسائل إعلام أجنبية للتعبير عن آرائهم في قضايا بلدهم المحظور الخوض فيها داخلياً.
الإعلام الجزائري يفتقر إلى المهنية
ويصف الكاتب هذا الإعلام بأنه ضعيف الإمكانيات، يفتقر إلى المهنية، يعاني من الانغلاق، وانعدام الحرية. مما يجعله بيئة خصبة “للمتسلقين والانتهازيين”. ويرى أن هذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى “هشاشة أكبر للبلد على المستوى الدولي”. عبر إنتاج أخطاء وهفوات قد تؤدي إلى عزل الجزائر دولياً.
ولا تقتصر هذه الأزمة، في نظر الكاتب، على الإعلام، بل تشمل أيضاً المؤسسات الجامعية التي تحولت إلى مجرد أماكن لمنح الشهادات والألقاب. دون إنتاج علمي حقيقي، مما يساهم في تدهور مستوى الخطاب العام.
ويرى أن هذا الوضع العام حول المؤسسات الحيوية في الجزائر إلى ما يشبه “مدرسة ابتدائية كبيرة”. أو “مدرسة للتكوين المهني”. لا تُخرج مواطنين مسؤولين قادرين على الحديث بعقلانية في القضايا المصيرية.
يختتم الكاتب بالتحذير من خطورة منطق “الزجر والسجن” في التعامل مع هذه القضايا المعقدة. مشدداً على أن الحل يكمن في “عمل بيداغوجي”. يعتمد على الإقناع والنقاش الحر في فضاءات عامة (إعلام وجامعات) تتمتع بالحد المقبول من الحرية.
ويرى أن صيانة الوحدة الوطنية وتجنب “الصراعات الانتحارية” التي تعيشها البلاد. يتطلب الابتعاد عن خنق الحريات الذي يدفع الساحة لـ “حمقى ومتهورين”، والتأسيس لنقاش مسؤول يحمي مصالح الجزائر الاستراتيجية.