نشرت بعض الجمعيات المدنية والأحزاب السياسية الأجنبية التي تضم في عضويتها عددا من المواطنين المغاربة المقيمين بأوروبا، بيانا استعرض، بشكل مشوب بكثير من التحريف وبمزيد من التغليط، وقائع وملابسات توقيف الصحفي سليمان الريسوني على خلفية قضية هتك العرض بالعنف والاحتجاز، المسجلة في مواجهته من طرف الضحية محمد آدم.
والمؤسف، أن هذه الجمعيات والأحزاب الموقعة افتراضا على هذا البيان التضامني، كانت ضحية تدليس واستغلال ماكر لتأكيدات خادعة من طرف ناقلي الأخبار والمعطيات المرتبطة بقضية سليمان الريسوني، وهو ما جعلها تسقط في تناقض صريح مع حقوق الأقليات التي تدافع عنها التشريعات الغربية، بل وتم تقديمها وكأنها منظمات تدافع عن الاستغلال الجنسي وعن الإفلات من العقاب.
ولم يتفاجئ العديد من المتتبعين لهذا الملف صدور مثل هذه البيانات المغلوطة أو المخدومة من طرف جهات من خارج المغرب، “فقد ألفنا في لجان التضامن المحدثة على المقاس، والتي مهمتها الوحيدة هي التأثير على القضاء وتسويق الأكاذيب والأراجيف بشأن قضايا زجرية، أن تروج لمعطيات مغلوطة عن القضايا الجنائية بالمغرب، مثلما قامت بذلك لجنة مماثلة في قضية توفيق بوعشرين المحكوم من أجل الاتجار بالبشر والاغتصاب المتسلسل والتحرش الجنسي“.
كما أن “الجهات المتضامنة في هذا البيان تحدثت عن ازدراء الضحية محمد آدم بسبب ميولاته، وكأن أجهزة الدولة هي من قامت بذلك، والحال أن الضحية تم تحصيل شكايته والبت فيها طبقا للقانون، بيد أن من يزدري حقوقه وينتهكها هم أشخاص محسوبون على دفاع المتهم، وكذا جمعيات حقوقية تنكرت له، للأسف، واصطفت إلى جانب المتهم في خرق صريح لمبادئ العمل الحقوقي“.
واستغرب العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي كيف لجمعيات مقيمة بالخارج، وتحول بينها وبين المغرب في الوقت الراهن إجراءات الحجر الصحي وإغلاق الحدود المادية، أن تسجل مؤاخذات على محاكمة جنائية بناءً على ما يتناهى إلى مسامعها من جهات محسوبة على محيط المتهم! وتحديدا ممن وصفته ب”المؤرخ” المعطي منجب ومن يساندونه في لجنة التضامن المحدثة للانتصار لأحد أطراف القضية على حساب الضحية المصنف ضمن الأقليات الجنسية.
وهنا لا بد من التعقيب القانوني والحقوقي على “الاتهامات المجانية والموغلة في تقييد حرية التعبير وحرية الصحافة، والتي صدرت عن جمعيات وأحزاب من المفروض أن تكون في طليعة المدافعين عن هذه الحريات والحقوق الأساسية، لا أن تكون في مقدمة من يزدريها ويمتهنها الذين يتحدثون عن شوف تيفي بمنظار المعطي منجب ومحمد رضا وخديجة الرياضي إنما يجهلون ويتعمدون حجب معطيات مهمة عن الرأي العام الأجنبي، مؤداها أن هذا الموقع هو الأول وطنيا على فايسبوك بأكثر من 17 مليون متتبع، وما يناهز مليار ونصف مشاهدة في صفحته الرسمية، وحوالي 5,65 مليون منخرط في القناة في موقع يوتيوب بنصف مليار مشاهدة، فضلا عن أكثر من 1,7 مليون منخرط ومتتبع لصفحة القناة على موقع أنستغرام“.
فهل يجرؤ المعطي منجب أن ينقل هذه المعطيات الرسمية التي توفرها تصنيفات “أليكسا” لأصحابه ممن يصدرون البيانات التضامنية على بياض؟
وهل يتجاسر محمد رضا أن يحجب عن الرأي العام الوطني والدولي هذه الريادة الإعلامية القريبة من المغاربة؟
أم أنهم يكتفون فقط بالترويج للأكاذيب والترهات لإيقاع الغير في الغلط التدليسي واستصدار بيانات تضامنية منهم مخطوطة على بياض، على أن يتكلفوا بملء هذا البياض بالكذب والافتراء على المغرب والمغاربة وأجهزة العدالة الجنائية.
وقد استرعى بيان الجمعيات والأحزاب الأجنبية حول قضية سليمان الريسوني ردود أفعال كثيرة في منصات التواصل الاجتماعي، خصوصا عندما تمت الإشارة للضحية محمد آدم على أنه مجرد هوية مستعارة، فضلا عن تقديمه في صورة ضحية نظام تشريعي يجرم المثلية، بيد أن محامي المتهم كان أول من حرض ضد الضحية بتدوينات إقصائية وتمييزية، قبل أن تنخرط جمعية التضامن التي تعمل لصالح المتهم في تبخيس حق الضحية في التشكي والانتصاف القانوني، مما جعله يلوذ بالجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية طلبا للمؤازرة والحماية من محيط المتهم.
ومن جانبه قال الأستاذ والزميل محمد لحبيب حاجي “إن افتراض البراءة كمبدأ قانوني لا يعني حظر تقييد الحرية في مرحلة ما قبل المحاكمة، إذ يمكن الركون للاعتقال الاحتياطي والحراسة النظرية في حدود ضيقة واستثنائية متى كانت التهم خطيرة، وهو ما ينطبق على سليمان الريسوني المتابع بهتك العرض بالعنف والاحتجاز“. كما أردف تصريحه ” بأن وحدة النيابة العامة، كمبدأ قانوني، يعطيها الحق في تحريك الدعوى العمومية مع مراعاة معايير الاختصاص الترابي، وهي إما مكان ارتكاب الجريمة، أو مكان إقامة أحد المشتبه فيهم، أو مكان إلقاء القبض على أحد المشاركين ولو كان التوقيف لسبب آخر (المادة 44 من قانون المسطرة الجنائية)، وفي قضية الريسوني فإن الجريمة وقعت في الدار البيضاء، والمشتبه فيه تم ضبطه بالدار البيضاء، وبالتالي فإن الحديث عن عيب في الاختصاص المكاني هو مسألة سريالية، الغرض منها التسويف وترويج الأكاذيب وليس المجاهرة بالحقيقة“.