24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
شهدت العاصمة العمانية مسقط يوم الأحد 13 أبريل 2025 انعقاد أشغال الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية-العمانية، التي توجت بالتوقيع على عدة نصوص قانونية تهدف إلى تعزيز إطار التعاون بين البلدين في مجالات متعددة. هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز العلاقات الثنائية بين المملكة المغربية وسلطنة عمان، تجسيداً للإرادة السياسية المشتركة لقائدي البلدين، الملك محمد السادس والسلطان هيثم بن طارق، اللذين يسعيان إلى الارتقاء بهذه العلاقات إلى مستويات أعلى تلبي تطلعات الشعبين الشقيقين.
اتفاقيات تعاون شاملة
تضمنت النصوص القانونية التي تم التوقيع عليها خمس مذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية تغطي مجالات حيوية، مما يعكس تنوع مجالات التعاون بين البلدين.
مجال النقل البحري
تم توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة النقل واللوجستيك المغربية ووزارة النقل والمواصلات العمانية تتعلق بالتسجيل المتبادل للشهادات البحرية الصادرة بموجب الاتفاقية الدولية لمعايير التدريب وتأهيل وتسجيل الأشخاص العاملين في البحر (STCW) لسنة 1978 وتعديلاتها. تهدف هذه المذكرة إلى تسهيل عمل البحارة من البلدين وضمان الامتثال للمعايير الدولية، مما يعزز السلامة البحرية والتعاون في هذا القطاع الحيوي.
الطاقة المتجددة
وقّع المغرب وسلطنة عمان مذكرة تفاهم بين وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة المغربية ووزارة الطاقة والمعادن العمانية للتعاون في مجال الطاقات المتجددة. يأتي هذا الاتفاق في سياق التزام البلدين بالتحول نحو الطاقة النظيفة، حيث يُعتبر المغرب رائداً في إنتاج الطاقة الشمسية من خلال مشاريع مثل “نور”، بينما تسعى عمان إلى أن تصبح مركزاً عالمياً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، كما يتضح من توقيعها اتفاقيات بقيمة 20 مليار دولار في 2023 لتطوير مشاريع الهيدروجين الأخضر []. هذا التعاون سيُتيح تبادل الخبرات وتطوير مشاريع مشتركة لدعم الاستدامة البيئية.
المجال الرياضي
تضمنت الاتفاقيات مذكرة تفاهم بين وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة المغربية ووزارة الثقافة والرياضة والشباب العمانية، تركز على التعاون في مجال الرياضة والرياضة المدرسية. يهدف هذا الاتفاق إلى تعزيز التبادلات الرياضية، تنظيم الأنشطة المشتركة، وتشجيع الشباب على المشاركة في الأنشطة الرياضية، مما يعزز الروابط الثقافية بين البلدين.
الرقمنة وتبادل الخبرات القضائية
تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة العدل المغربية والمحكمة العليا في سلطنة عمان في مجال الرقمنة وتبادل الخبرات. تسعى هذه المذكرة إلى تعزيز التعاون في تطوير الأنظمة القضائية الرقمية، مما يُسهم في تحسين كفاءة العدالة وتسريع الإجراءات القضائية. هذا التعاون يعكس التزام البلدين بمواكبة التحول الرقمي في القطاعات الحكومية.
التوأمة بين مدينتي فاس ونزوى
شملت الاتفاقيات مذكرة تفاهم للتوأمة بين مدينة فاس المغربية ومدينة نزوى العمانية، بهدف تعزيز التعاون الثقافي والاقتصادي بين المدينتين. تُعد فاس ونزوى مدينتين تاريخيتين تتميزان بتراث ثقافي غني، وهذا التعاون سيُتيح تبادل الخبرات في مجالات السياحة، الحرف التقليدية، والحفاظ على التراث.
سياق الدورة السابعة: تعزيز العلاقات الثنائية
أعربت المملكة المغربية وسلطنة عمان، في ختام أشغال الدورة السابعة. عن رضاهما العميق بمستوى العلاقات الثنائية وتطورها الإيجابي. هذا التطور يُعزى إلى الإرادة السياسية القوية للملك محمد السادس والسلطان هيثم بن طارق، اللذين يسعيان إلى تعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الدورة تأتي استكمالاً لمسار طويل من التعاون. حيث سبق أن عُقدت الدورة السادسة في الرباط عام 2023، وشهدت بدورها توقيع اتفاقيات تعاون في عدة قطاعات..
تُظهر هذه الاتفاقيات التزام البلدين بتوسيع آفاق التعاون لتشمل مجالات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة والتحول الرقمي، وهي مجالات تتماشى مع رؤى التنمية المستدامة لكلا البلدين. كما أن التركيز على التوأمة بين فاس ونزوى يُبرز البعد الثقافي لهذا التعاون، مما يُعزز الروابط الشعبية بين المغاربة والعمانيين.
أهمية التعاون المغربي العماني
يُعتبر التعاون بين المغرب وسلطنة عمان نموذجاً للتضامن العربي. حيث يجمع البلدين تاريخ طويل من العلاقات الأخوية. المغرب، بموقعه الاستراتيجي في شمال إفريقيا، وسلطنة عمان. بوابة الخليج العربي، يشتركان في طموح مشترك لتعزيز الاستقرار والتنمية في العالم العربي.
وقد أثبتت الدورة السابعة للجنة المشتركة أن هناك إرادة مشتركة لتطوير هذه العلاقات. لتشمل مجالات حديثة تتماشى مع متطلبات العصر، مثل الرقمنة والطاقة المتجددة.
على المستوى الاقتصادي، يُمكن أن يُساهم هذا التعاون في فتح أسواق جديدة للمنتجات المغربية والعمانية. خاصة في ظل الاهتمام المشترك بالطاقة المتجددة والسياحة. على المستوى الثقافي، ستُسهم التوأمة بين فاس ونزوى في تعزيز التبادل الثقافي، مما يُعمق أواصر الصداقة بين الشعبين.
آفاق مستقبلية
مع استمرار هذا الزخم في العلاقات المغربية-العمانية. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة مزيداً من التعاون في مجالات أخرى مثل التعليم العالي، البحث العلمي، والاستثمار. كما يُمكن أن يُشكل التعاون في مجال الطاقة المتجددة نموذجاً يُحتذى به في المنطقة العربية. خاصة مع الخبرة التي يمتلكها البلدان في هذا المجال. ومن المهم أن يتم تفعيل هذه الاتفاقيات من خلال خطط عمل واضحة تضمن تحقيق الأهداف المرجوة.
تُمثل الدورة السابعة للجنة المشتركة المغربية-العمانية خطوة هامة نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. الاتفاقيات الموقعة في مجالات النقل، الطاقة المتجددة، الرياضة، الرقمنة، والتوأمة الثقافية تعكس رؤية مشتركة للتنمية المستدامة والتضامن العربي. وبفضل الإرادة السياسية للملك محمد السادس. والسلطان هيثم بن طارق، يُتوقع أن تشهد العلاقات بين المغرب وسلطنة عمان. تطوراً إيجابياً يخدم مصالح الشعبين ويُساهم في تعزيز الاستقرار والازدهار في المنطقة العربية.