الرباط-متابعة
تناول المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، من جديد، موضوع مراجعة مدونة الأسرة على ضوء الخطوط العريضة التي تمَّ الإعلانُ عنها.
وأكد الحزب على المواقف التي أعرب عنها في البيان الذي أصدره بهذا الصدد والذي توصلت “24 ساعة ” بنسخة منه، وأساساً منها تثمينُ المقاربة التشاورية القبْلية، والإشادةُ بالتوجُّهات الإيجابية العديدة التي تتقاطع مبدئيًّا مع مُقترحاتٍ وَرَدَتْ في مذكرة حزبنا.
وأعرب حزب التقدم والاشتراكية عن عدمِ تفهـمـهِ للرفض الذي قـوبِلت به بعضُ الاقتراحاتِ الوجيهة والـــمُنصِفة، رغم أنها تَنصَبُّ على مواضيع لا ترتبط بنصوصٍ دينية قطعية، كما هو الشأن بالنسبة لمقترح الإلغاء التام للتعصيب بالنظر إلى الآثار الاجتماعية السلبية التي يُخلِّفُها في الواقع؛ وكما هو الحالُ بالنسبة لمقترحِ اعتماد الخبرة الجينية لإثبات نَسَبِ الأطفال المزدادين خارج إطار الزواج مع تمتيعهم بكافة حقوقهم المترتبة عن ذلك دون أيِّ تمييز.
وعلى هذه الأسُس، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيُواصِلُ تَرافُعَهُ التحديثي خلال كل المراحل اللاحقة من مسار مراجعة مدونة الأسرة، انطلاقاً من هويته التقدمية ومرجعيته الديموقراطية، وارتكازاً على كونه حزباً يَحملُ، منذ نشأته، مشروعًا فكريًّا وسياسيا تُشَكِّلُ فيه المساواةُ بين النساء والرجال قيمةً إنسانية إلى جانب كونها قضيةً حقوقية وديمقراطية ورهانًا للعدالة الاجتماعية والتنمية والتقدم. وسيقومُ الحزبُ بذلك، طبعًا، في إطار الدستور وما ينصُّ عليه من التزامٍ بالمساواة وبمنظومة حقوق الإنسان، ومن حظرٍ ومكافحةٍ لكل أشكال التمييز. كما سيقوم الحزبُ بذلك في استحضارٍ تام لواقع ومعطياتِ المجتمع ولطبيعة المرحلة التاريخية، وفي إطار الثوابت الوطنية، ومن ضِمْنِهَا الدينُ الإسلامي القائم على قيم الانفتاح والاعتدال.
في هذا السياق، يأملُ حزبُ التقدم والاشتراكية في أن يتمَّ النقاشُ العموميُّ بخصوص مراجعة مدونة الأسرة، بعيداً عن أيِّ تغليطٍ أو تحويرٍ سلبيٍّ مقصود للمقترحات المعلنة وللغاياتِ منها، وبعيداً عن أيِّ سعيِ لوضع ذلك في قالبٍ بأهداف سياسوية محافِظَة وماضوية ورجعية تحت قناعٍ يستغل الدين بشكلٍ متعسِّف ومُزَيَّف.
في هذا الإطار، يتطلبُ الأمر، بالأساس، تَحَمُّلَ الحكومة مسؤولياتها في الحَملِ القوي للأعباءِ السياسية والتواصلية لموضوع مدونة الأسرة، وفي القيام بصياغةٍ مشروع قانونٍ متقدمٍ في تفاصيلِ مقتضياته، بما يعكسُ فعلاً التوجُّــهات الإيجابية المعلنة.
كما يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنَّ موضوع مدونة الأسرة هو قضية مجتمعية بالغة الأهمية، بما يجعلها لا تحتمل الاستهزاء ولا التسطيح، بقدر ما تستلزمُ الانخراط القوي للإعلام العمومي ولجميع فعاليات المجتمع، السياسية والمدنية والحقوقية والنسائية، في نقاشٍ مسؤول وهادئ ورزين ودقيق، من أجل تنوير الرأي العام، وتقديم الصورة الحقيقية لهذا الورش الإصلاحي، ومواجهة المغالطات الرائجة بخصوصه.
في هذا السياق، يُوجِّهُ حزبُ التقدم والاشتراكية نداءً حاراًّ إلى كافة قوى وفعاليات المجتمع المتشبعة بمقاربةٍ تنويرية وثقافةٍ مساواتية، وإلى جميع مكونات الصف الديموقراطي، وإلى الحركة الحقوقية والنسائية التقدمية، من أجل استنهاضِ الهِــــمم، وتجميعِ القوى، وتوحيد المبادرات، وتنسيق المواقف والجهود، لملء الساحة بالترافع القوي والرصين، بغاية فتح الأفق أمام إخراجِ قانونٍ للأسرة يكونُ في مستوى عصره، ويكرِّسُ ويُحصِّنُ المكتسبات المساواتية، بعيداً عن أيِّ نزعةٍ تضييقية أو نكوصية محافِظة.
ويؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيتحمل كامل مسؤوليته على هذا المستوى، دون السقوط في أيِّ مقارباتٍ من شأنها إحداثُ شرخٍ أو مواجهة عقيمة في صفوف المجتمع، لن يستفيد منها وطنُـــنا.
من جانبٍ آخر، وفي إطار متابعته لمسار مشروع القانون التنظيمي للإضراب، ثَمَّنَ المكتبُ السياسي الندوة الترافعية التي احتضنها المقر الوطني للحزب بالرباط، يوم الثلاثاء 07 يناير 2025، من تنظيمِ جبهة الدفاع عن الحق في ممارسة الإضراب التي تتشكل من طيفٍ واسعٍ من منظمات نقابية وأحزاب السياسية وهيئات حقوقية ومدنية.
بهذا الصدد، وبعد تسجيل الاتفاق على إدخال مشروع القانون التنظيمي للإضراب ضمن مقاربةٍ تفاوضية بين الحكومة والنقابات، يؤكد حزبُ التقدم والاشتراكية على أنه سيواصلُ جهوده النضالية من داخل هذه الجبهة وفي كل الفضاءات والواجهات الممكنة، سعياً منه نحو تجويد الصيغة الحالية لقانون الإضراب، ونحو إخراجه من الغرفة الثانية للبرلمان بشكلٍ متقدم وبنَفَسٍ حقوقي، بما يضمن الممارسة الفعلية لهذا الحق الدستوري بعيداً عن أيِّ مقتضياتٍ تضييقية وتكبيلية.