سناء الجدني _ الرباط
مسار العلاقات المتميزة بين الإمارات العربية المتحدة والمغرب يزداد قوة يوما بعد آخر، لاسيما في ظل الرؤى المتبصرة والمتناغمة بين الملك محمد السادس وحكام الإمارات، الأمر الذي ساهم بشكل واضح في تطوير العلاقات بين البلدين.
من هذا المنطلق، تبدي دولة الإمارات العربية المتحدة استعدادها الكامل لتكون شريكا استراتيجياً للمغرب في التحول في قطاع الطاقة، عبر حث فرص الاستثمار في الطاقة التقليدية، والغاز المسال، ومحطات التوزيع، ومشاريع الطاقة المتجددة، وغيرها من المجالات الواعدة للنمو الاقتصادي المستدام.
هذه الرؤية الاستراتيجية تأتي في ظل العلاقات المغربية الإماراتية الاي تشهد نقلات وتطورات نوعية في مختلف المجالات، بتوجيهات سديدة من القيادتين الرشيدتين في البلدين الشقيقين، ممثلةً بصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وأخيه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
فعلى المستوى السياسي، كانت دولة الإمارات أول دولة عربية تقرر فتح قنصلية لها في مدينة العيون جنوب المغرب، في خطوة تعبر عن دعم سيادة المغرب على صحرائه.
وفي المقابل يدعم المغرب وبقوة حق الإمارات في استعادة جزرها المحتلة من قبل إيران. ويتعلق الأمر بطنب الصغرى و طنب الكبرى وأبو موسى.
جذور هذا الموقف السياسي للإمارات ليست بالحديدة. ذلك أنه عندما دعا الملك الراحل الحسن الثاني إلى تنظيم في المسيرة الخضراء سنة 1975 لتحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني، شاركت الإمارات العربية بقوة، وبتمثيلية على أعلى المستويات.
وكان الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، أصغر مشارك في المسيرة الخضراء، وعمره آنذاك لا يتجاوز 14 عاماً.
وقد ظل هذا السند الإماراتي للمغرب في قضيته الوطنية الأولى، متواصلاً على مدار السنوات، لتكون الإمارات من أوائل الدول الداعمة للموقف المغربي بشأن تطهير معبر الكركرات، إبان عرقلة الحركة المدنية والتجارية فيه من طرف جبهة البوليساريو.
وفي نونبر من سنة 2020، أعلنت الإمارات عبر وزارة خارجيتها دعمها للتحرك العسكري الذي بدأته المملكة المغربية في معبر الكركرات الحدودي مع موريتانيا.
الطاقة والتعاون القوي
في ظل الأزمة التي تعرفها اسواق الطاقة عبر العالم، يتضح أن هناك توجها بين الإمارات والمغرب للتعاون في مجال الطاقة من خلال قرار الإمارات دعم المغرب في مجال التنقيب واستغلال الغاز المسال الواعد على أراضيه، ووضع التجربة الإماراتية رهن إشارة المملكة المغربية.
شركة “مصدر” الإماراتية واحدة من أبرز الشركات العالمية في مجال الطاقة المتجددة، أنشأت بالشراكة مع “المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”، حيث قامت بتنفيذ مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية، لتركيب ما يقرب من 20 ألف نظاماً للطاقة الشمسية المنزلية في أكثر من 1000 قرية مغربية.
حاليا، تهتم الإمارات بتطوير مشروع محطة “نور ميدلت”، الذي تبلغ قدرته الإنتاجية 800 ميجاواط، والذي يعد أول مشروع محطة هجينة متطورة للطاقة الشمسية في العالم تستخدم مزيجاً من الطاقة الشمسية الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة.
الشراكة المغربية الإماراتية قوية في عدة مجالات خاصة الطاقة النظيفة، حيث قدمت الإمارات دعمها المتواصل لجهود المغرب في هذا المجال، وقد رسّخت المملكة المغربية لنفسها مكانةً رائدةً في استخدام الطاقة المتجددة، والتي أصبحت توفر ما يقرب من 40% من احتياجات المملكة من الكهرباء.
أوجه التعاون هذه لا تقتصر على مجال الطاقة، بل تشمل قطاعات أخرى. ذلك أن الإمارات هي أول دولة عربية من حيث الاستثمار في المغرب، حيث تتصدر الإمارات المركز الأول من حيث حجم الاستثمارات العربية في المغرب منذ عام 1976، و قد تجاوزت استثماراتها في المملكة ما يزيد على 20 مليار دولار أمريكي في قطاعات استراتيجية كثيرة، من ضمنها الطاقة، والمعادن، والبنية التحتية والاتصالات والسياحة، والعقار، والزراعة، والخدمات.
وفي سنة 2020، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في المنتجات غير النفطية ما يقرب 2.2 مليار دولار. وقد ساهم صندوق أبوظبي للتنمية في تمويل 82 مشروعاً في المغرب بقيمة بلغت حوالي 2.45 مليار دولار أمريكي.
كما أن شركة “طاقة” الإماراتية، التي أنشأت محطة الطاقة الحرارية في منطقة الجرف الأصفر، تعد المورّد الرئيسي للمكتب الوطني للكهرباء والمياه، حيث تغطي أكثر من 50% من الطلب المحلي في المملكة على الكهرباء.
توضح هذه الأرقام والمعطيات تؤكد أن أمام المغرب و الإمارات فرصاً عديدة للشراكة في الكثير من المشروعات التي تفتح مجالات جديدة للتعاون.