24 ساعة – متابعة
ولدت الفنانة المغربية نعيمة سميح عام 1954 في حي بوشنتوف بمنطقة درب السلطان بمدينة الدار البيضاء، وسط بيئة ثقافية ورياضية نشطة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين.
وظهرت موهبتها الغنائية مبكرا في سن التاسعة، لتصبح لاحقا واحدة من أبرز الأصوات المغربية التي أثرت الساحة الفنية في النصف الثاني من القرن العشرين.
وبدأت نعيمة سميح مسيرتها الفنية من خلال برامج اكتشاف المواهب التي كانت تقدمها الإذاعة والتلفزة المغربية.
وكان أول ظهور لها في برنامج “خميس الحظ” مع الإعلامي محمد البوعناني، ثم شاركت في برنامج “مواهب” الذي أشرف عليه الموسيقار عبد النبي الجيراري.
وكان هذا البرنامج منصة انطلاق للعديد من الأصوات المغربية المتميزة مثل سميرة سعيد وعزيزة جلال.
ورغم المعارضة الشديدة من والدها المحافظ لدخولها عالم الغناء، إلا أن تدخل فنانين وإعلاميين مرموقين مثل محمد بنعبد السلام ومحمد البوعناني ساهم في إقناعه بموهبتها، بشرط أن تقتصر مسيرتها على الموسيقى العصرية المغربية وبمواضيع راقية.
وتميزت نعيمة سميح ببحتها الصوتية الفريدة وأسلوبها الغنائي المستوحى من الجنوب المغربي الأمازيغي.
وعرفت بأدائها المرهف وشخصيتها الخجولة أمام الجمهور، مما مكنها من تقديم قطع غنائية صعبة موسيقيا، تغلب عليها مواضيع الشجن والحنين والزجل المغربي الأصيل.
ومن أبرز أغانيها “جريت وجاريت”، “على غفلة”، و”ياك آجرحي”، كما قدمت أعمالا وطنية ودينية مثل “رحلة النصر” بالتعاون مع الموسيقار عبد الوهاب الدكالي.
ورغم أنها لم تدرس الموسيقى أكاديميا، إلا أن أذنها الموسيقية ساعدتها على تحقيق نجاحات كبيرة.
وكانت الفنانة نعيمة سميح من بين عدد من الفنانين الذين حصلوا على بطاقة الفنان من الملك محمد السادس، وذلك تقديرا لإسهاماتهم الفنية ودورهم البارز في إثراء المشهد الثقافي والفني في المغرب.
تزوجت نعيمة سميح في بداية السبعينيات من البطل المغربي في رياضة الدراجات مصطفى بلقايد، وأنجبت منه ابنها الوحيد شمس الدين، عانت الفنانة من مرض فقر الدم، مما اضطرها للقيام برحلات علاجية متكررة خارج المغرب، وهو ما أثر على مسيرتها الفنية وأدى إلى التفكير في الاعتزال أكثر من مرة.
قدمت نعيمة سميح مجموعة من الأغاني التي أصبحت علامات بارزة في الموسيقى المغربية، مثل “جاري يا جاري”، “أمري لله”، “البحارة”، و”غاب علي الهلال”، وحصلت على جائزة تقديرية في مهرجان الدوحة للأغنية العربية عام 2007، ووسام الكفاءة الوطنية في نفس العام، تقديرا لإسهاماتها الفنية.
وشكل رحيل الفنانة المغربية الكبيرة نعيمة سميح صدمة عميقة في الوسط الفني المغربي والعربي، حيث فقدت الساحة الفنية واحدة من أبرز أيقونات الطرب العصرية، التي أثرت المشهد الفني لعقود بأعمالها الخالدة وصوتها الاستثنائي.
وفارقت نعيمة سميح الحياة عن عمر يناهز 71 عاما، بعد صراع كبير مع مرض السرطان، تاركة وراءها إرثا فنيا عظيما وحضورا لم يتكرر في تاريخ الأغنية المغربية.
وأعرب العديد من الفنانين والجماهير عن حزنهم العميق لفقدان شخصية استثنائية صنعت بصمة لا تمحى في الموسيقى المغربية.