24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
أصبحت مجموعة المكتب الشريف للفوسفات (OCP) أكثر من مجرد عملاق في استخراج الفوسفاط، فقد باتت أداة محورية لتعزيز النفوذ المغربي في القارة الإفريقية. ووضع المغرب، الذي يمتلك 70% من احتياطيات الفوسفات العالمية، هذه الثروة في صميم سياسته الإفريقية التي بنيت بصبر وتأن.
في سياق، وصف زياد شوقي، الرئيس التنفيذي لمجموعة التفكير “3DPolicy“، هذا التحول الاستراتيجي بأن “المغرب، من خلال ثرواته الفوسفاتية، تمكن من إبراز قوة من نوع فريد في إفريقيا.”
دبلوماسية الفوسفاط: نهج متفرد
كشف التقرير أنه في بداية الألفية الثانية، رافق الملك محمد السادس في جولاته الإفريقية دبلوماسي من نوع خاص، هو مصطفى التراب، الرئيس المدير العام لمجموعة “OCP”.
ورغم أن هذا الاختيار لم يعلن عنه بشكل واسع في حينها، إلا أنه كان نقطة انطلاق لـ “دبلوماسية الفوسفات”، التي تعتمد على الاستخدام المدروس لهذه الثروة المعدنية لخدمة مشروع سياسي وزراعي وقاري يمتد على المدى الطويل.
وأضاف التقرير أنه بعيدا عن الممارسات الاستخراجية التقليدية، تقدم مجموعة OCP تركيبات أسمدة مصممة خصيصا لتناسب التربة الإفريقية، بالإضافة إلى تدريب المزارعين على الأساليب الزراعية المستدامة وإنشاء فروع محلية. ويؤكد شوقي أن المجموعة تطور حلولا إفريقية لمشكلات إفريقية، وهي مقاربة وصفها بعض الخبراء بـ “الدبلوماسية الزراعية”.
التأثير الجيوسياسي والعودة إلى الاتحاد الإفريقي
شدد التقرير على أن ثمار هذه السياسة المعدنية امتدت إلى الساحة الدبلوماسية، حيث أن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي عام 2017، بعد غياب دام 33 عامًا، جاءت مدعومة جزئيًا بالعلاقات الإيجابية التي نسجتها OCP من خلال شراكاتها الزراعية.
كما اعتبر التقرير أن مشروع مجمع الأسمدة في إثيوبيا، الذي تصل قيمته التقديرية إلى 2.6 مليار جنيه إسترليني، يعد تجسيدا لهذا النموذج من التعاون المتجدد، حيث يدمج بين الفوسفات المغربي والبوتاس والغاز الإثيوبي.
وقد شهدت دول أخرى من السنغال إلى تنزانيا مشاريع مماثلة، تتكيف مع الاحتياجات الزراعية والواقع السياسي الخاص بكل بلد
التحديات البيئية والطموح للمستقبل
أبرز التقرير أن توسع مجموعة “OCP” لا يخلو من التحديات، مثل الخلافات الإقليمية التي تعيق بعض الاختراقات في المغرب العربي والموقف النقدي لجنوب إفريقيا. ومع ذلك، يؤكد شوقي أن ‘المساهمات الزراعية لـ “OCP” غالبا ما تتجاوز الانقسامات الدبلوماسية.
وفي مواجهة الانتقادات المتعلقة بالبصمة البيئية للفوسفاط، التزمت المجموعة بالتحول الكامل إلى الطاقات المتجددة بحلول عام 2030، إلى جانب تطوير إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا النظيف. ويُشكل مخططها الاستثماري الأخضر للفترة 2023-2027، بقيمة 9.6 مليار جنيه إسترليني، العمود الفقري لهذا التوجه.
وخلص التقرير إلى أن الثروة الجيولوجية للمغرب، المقترنة برؤية دبلوماسية طموحة، أسهمت في تزايد وزن المملكة في النقاشات الدولية حول الأمن الغذائي. ففي الوقت الذي قد تستنزف فيه احتياطيات الصين بحلول عام 2058 والولايات المتحدة بحلول عام 2062، يمكن استغلال الرواسب المغربية لأكثر من ثلاثة عشر قرنا.