24 ساعة-متابعة
تشهد العلاقات المغربية الإسبانية منذ سنوات تحولا لافتا، لاسيما بعد تغيير مدريد موقفها إزاء قضية الصحراء المغربية، وهو التحول الذي وضع حدا لأزمة دبلوماسية كانت قد أفرزت توترا كبيرا بين البلدين.
وفي هذا السياق، أكد الكاتب المتخصص في الشأن الإسباني والعلاقات المغربية الإسبانية، نبيل دريوش، أن العلاقات بين الرباط ومدريد تشهد منذ ذلك الوقت نموا متسارعا على مختلف الأصعدة، سواء السياسية أو الاقتصادية، ما يدل على دخول البلدين مرحلة جديدة من التفاهم الاستراتيجي والتعاون العملي.
وأوضح دريوش في تصريحه لـ”24 ساعة” أن اتفاق 7 أبريل 2022، الذي جاء تتويجا للمصالحة السياسية بين البلدين، أرسى آليات جديدة للحوار ومعالجة القضايا العالقة، حيث يتم التعامل معها في إطار من الهدوء والسرية، عبر قنوات رسمية مفتوحة تضمن معالجة فعالة وبعيدة عن التصعيد الإعلامي، كما يعكس ذلك وجود إرادة سياسية لدى الطرفين لتعزيز الشراكة وتجاوز الخلافات الظرفية.
وأشار دريوش إلى أن هذا التحول في العلاقات لم يقتصر على الجانب السياسي فحسب، بل شمل أيضا بعدا إنسانيا وتضامنيا لافتا، ففي أعقاب الزلزال المدمر الذي ضرب إقليم الحوز بالمغرب، كانت إسبانيا من أوائل الدول التي سارعت إلى إرسال فرق الإنقاذ والإغاثة، في مشهد حظي بتقدير واسع في المغرب.
وبالمقابل، لم يتأخر المغرب في التعبير عن تضامنه العملي مع الجارة الشمالية، حين بادر إلى تزويد بعض المناطق الإسبانية بالكهرباء خلال الأزمة الأخيرة التي شهدت فيها إسبانيا انقطاعا واسعا للتيار الكهربائي، وهو الموقف الذي لاقى إشادة كبيرة من المواطنين الإسبان على مواقع التواصل الاجتماعي.
وهذه الدينامية الجديدة، يضيف دريوش، تعكس تقاربا غير مسبوق في وجهات النظر بين البلدين، يتجلى بشكل واضح في دعم إسبانيا للمقترح المغربي للحكم الذاتي كحل جدي وواقعي لقضية الصحراء، وهي القضية التي يعتبرها المغرب أساسية في علاقاته الخارجية، لاسيما مع دول الجوار.
وفي هذا السياق، يمكن فهم التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية الإسباني التي أشاد فيها بمستوى العلاقات الثنائية، مؤكدا أنها تمر بمرحلة ذهبية من التعاون والتنسيق.
كما أن هذا التفاهم لم يعد رهين ملفات محددة، بل أصبح منهجا مشتركا يحكم العلاقات بين البلدين في مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
وخلص دريوش إلى أن العلاقات المغربية الإسبانية، بفضل هذا الزخم الجديد، مرشحة لمزيد من التقدم، في إطار رؤية استراتيجية تقوم على المصالح المتبادلة، والتعاون البناء، والاحترام المتبادل للسيادة والثوابت الوطنية.