الرباط-عماد مجدوبي
يشكل تنظيم المغرب لكأس العالم لكرة القدم حدثًا تاريخيًا لا يقتصر تأثيره على الرياضة فحسب، بل يتعداه إلى مختلف مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. هذا الحدث الكروي العالمي الكبير، الذي طال انتظاره، يحمل معه آمالًا عريضة وطموحات كبيرة للمملكة المغربية وشعبها.
ويعكس فوز المغرب بحق استضافة المونديال نجاح الدبلوماسية المغربية وجهودها الحثيثة على الساحة الدولية بقيادة الملك محمد السادس. كما أنه يؤكد المكانة المتنامية للمغرب كقوة إقليمية ودولة قادرة على تنظيم أحداث عالمية كبرى.
وبدأ الحلم الذي تحول إلى حقيقة، حين زف الملك محمد السادس، خبر ترشح المملكة المغربية، بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2030.
جاء الإعلان في رسالة ملكية سامية تمت تلاوتها في رواندا، تتضمن طموح المغرب الكبير لاستضافة هذا الحدث الكروي العالمي، الذي من شأنه أن يعزز مكانة المنطقة على الخارطة الرياضية العالمية، ويفتح آفاقاً جديدة للتعاون بين الدول الثلاث.
ورافق هذه الخطوة الملكية توحيد الجهود وتعبئة كافة الإمكانيات، من أجل تقديم ملف قوي ومتكامل، أقنع الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) بمنح المغرب وإسبانيا والبرتغال شرف استضافة هذا الحدث الكروي الكبير.
يمثل إعلان ”الفيفا” رسميا عن إسناد الملف للمغرب- إسبانيا- البرتغال، لحظة مليئة بالعواطف، وملخصًا لسنوات طويلة من الجهود التي بذلها المغرب لتحقيق هذا الإنجاز.
كان تنظيم المونديال حلمًا كبيرًا سعى المغرب لتحقيقه بإيمان قوي وتصميم لا ينضب. قاد جلالة الملك محمد السادس هذا المسعى بحكمة ورؤية ثاقبة، حيث لم يكن تنظيم المونديال مجرد حدث رياضي، بل هو اعتراف عالمي بأن المغرب أصبح عضوًا في نادي الدول الرائدة بفضل التنمية المستمرة وتحسين البنية التحتية، بما في ذلك الملاعب والمنشآت الرياضية والطرق والمواصلات.
طوال حكمه، اهتم الملك مجالات مثل الاستثمار في كرة القدم، مؤسسًا أكاديمية محمد السادس التي أظهرت جيلًا جديدًا تألق في مونديال قطر 2022 ورفع اسم المغرب عاليًا. هذه اللحظة المميزة كانت تتويجًا للجهود الكبيرة الذي بذلها الملك لجعل المغرب مركزًا للأحداث الرياضية الكبرى، مما أثار اهتمام وتفاعل الإعلام الدولي.
على مدى عقود، لم يتخلى المغرب عن حلمه رغم عدم نجاح ملفاته السابقة. أسس الملك محمد السادس استراتيجية تجهيز مستمر استعدادًا لاستضافة البطولة وكأنها ستقام في الغد، إلى أن حان الوقت المناسب لتقديم ملف الترشيح بالاشتراك مع إسبانيا والبرتغال. استغرق إعداد ملف الترشح 20 شهرًا ومر عبر مراحل متعددة حتى الحصول على تقييم متميز.
وجاءت لحظة التصويت لتصبح استضافة كأس العالم واقعًا رسميًا، ويمثل هذا الإنجاز نوعًا من “المعجزة” التي تحققت بفضل العزيمة والقيادة الحكيمة.
هذا الإنجاز الكبير تحت قيادة الملك محمد السادس يعكس درسًا مهمًا للدول الراغبة في التطوير والنهوض، ويمثل فخرًا للمغاربة وزهوا بين الأمم، وينبئ بمستقبل مشرق لأمة عريقة حصلت بجدارتها على مكانة رفيعة.
ويتطلب تنظيم هذا الحدث الضخم يتطلب استثمارات كبيرة في البنية التحتية، كإنشاء الملاعب الحديثة والفنادق والمواصلات، مما سيساهم في تطوير الاقتصاد الوطني وفتح آفاق جديدة للاستثمار. كما أن السياحة ستشهد رواجًا كبيرًا، مما سيعزز الدخل القومي ويوفر فرص عمل جديدة للشباب.
استضافة كأس العالم ستساهم في التعريف بالثقافة المغربية وتراثها العريق، وتقديم صورة إيجابية عن المغرب في العالم. كما أنها ستكون فرصة لتبادل الخبرات والمعارف مع مختلف الدول المشاركة، وتعزيز التعاون الدولي في المجال الرياضي.
فوائد المتوقعة من تنظيم كأس العالم تفوق بكثير التكاليف. فالمغرب سيكتسب خبرة كبيرة في تنظيم الأحداث الكبرى، مما سيمكنه من استضافة المزيد من الفعاليات الدولية في المستقبل. كما أن هذا الحدث سيساهم في بناء صورة إيجابية عن المغرب في العالم، وتعزيز مكانته كوجهة سياحية جاذبة.
ويمثل تنظيم المغرب لكأس العالم نقطة تحول في تاريخ البلاد، وفرصة ذهبية لتحقيق العديد من الأهداف التنموية. ومع التخطيط الجيد والإدارة الفعالة، يمكن للمغرب أن يستغل هذا الحدث لتحقيق قفزة نوعية في مختلف المجالات.