24 ساعة ـ عبد الرحيم زياد
في سياق دولي يشهد تحولات جيوسياسية متسارعة، تتصاعد الأصوات السياسية في الغرب، خاصة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، للمطالبة بتصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية. هذه الدعوات، التي تجد صدى في تقارير مراكز أبحاث مرموقة، تربط الجبهة بأنشطة مزعزعة للاستقرار في منطقة شمال إفريقيا، وتتهمها بالارتباط بإيران وجماعات متطرفة مثل حزب الله. في هذا المقال، نستعرض هذه التطورات، ونناقش أبعادها على المغرب، الذي يواصل تعزيز موقفه الدبلوماسي في قضية الصحراء.
أصوات بريطانية تتصاعد
برزت شخصيات سياسية بارزة في المملكة المتحدة تدعو إلى إعادة تقييم النظرة إلى جبهة البوليساريو. على رأس هؤلاء، النائب والوزير السابق للدفاع البريطاني ليام فوكس، الذي أدلى بتصريح لافت على منصة إكس في 19 أبريل 2025، قائلاً: “مثل حماس وحزب الله، جبهة البوليساريو هي منظمة مدعومة من إيران. من أجل حلفائنا المغاربة، يجب على الحكومات الغربية أن تتحرك بسرعة لتصنيف هذا الجماعة كمنظمة إرهابية”. استند فوكس في دعوته إلى تقرير صادر عن معهد هادسون، الذي يسلط الضوء على أنشطة البوليساريو المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
كما انضم إلى هذا الموقف السيناتور الأيرلندي المستقل جيرارد كراويل، الذي أعرب عن دعمه للمغرب، مشددًا على أن “جبهة البوليساريو لا ينبغي أن تُسمح لها بزعزعة استقرار المغرب، كما فعلت حماس وحزب الله في قطاع غزة”. هذه التصريحات تعكس تزايد الوعي السياسي في أوروبا بالتحديات الأمنية التي تشكلها الجبهة، خاصة في ضوء تقارير تربطها بإيران وجماعات متطرفة.
موازاة أمريكية: مشروع قانون في الكونغرس
عبر الأطلسي، تتسارع الجهود لتصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية. أعلن النائب الجمهوري الأمريكي جو ويلسون، في 11 أبريل 2025. عزمه تقديم مشروع قانون إلى الكونغرس يهدف إلى إدراج الجبهة على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وفي منشور على منصة إكس، اتهم ويلسون البوليساريو بأنها “تخدم مصالح إيران وروسيا”، واصفًا إياها بـ”محور العدوان” الذي يهدد استقرار إفريقيا. هذا الموقف يعكس توافقًا متزايدًا بين السياسيين الغربيين على ضرورة مواجهة التهديدات التي تمثلها الجبهة.
تقارير تدعم التصنيف
تستند هذه الدعوات إلى تقارير حديثة صادرة عن مراكز أبحاث مرموقة، مثل معهد هادسون ومؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD). وفقًا لتقرير معهد هادسون الصادر في أبريل 2025، فإن البوليساريو تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار لعام 1991، وتُسيء استخدام المساعدات الإنسانية لدعم بنية عسكرية غامضة. وتتلقى دعمًا عسكريًا من إيران عبر حزب الله، بما في ذلك نقل طائرات بدون طيار.
كما أشار التقرير إلى أن الجبهة تُشكل جزءًا من شبكة تأثير عابرة للقارات تدعمها إيران. الصين، روسيا، والجزائر، بهدف زعزعة استقرار المغرب، الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة وإسرائيل.
من جانبها، أكدت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات أن “البوليساريو لم يعد مجرد حركة انفصالية. بل أصبحت كيانًا مدعومًا من إيران وحزب الله”، مشيرة إلى مشاركة مقاتلي الجبهة في سوريا إلى جانب نظام بشار الأسد بدعم من طهران.
وأبرز التقرير أيضًا صلات الجبهة بشخصيات إرهابية مثل عدنان أبو الوليد الصحراوي. القيادي السابق في تنظيم الدولة الإسلامية بالساحل، والذي كان عضوًا بارزًا في البوليساريو قبل مقتله عام 2021.
سياق إقليمي ودولي
تأتي هذه التطورات في ظل دبلوماسية مغربية نشطة تهدف إلى تعزيز الاعتراف الدولي بسيادته على الصحراء. وفقًا لتحليل نشره موقع “لوموند أفريك”، فإن المغرب يستفيد من دعم متزايد من الدول الغربية، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء عام 2020. وتأييد دول أوروبية مثل فرنسا وإسبانيا لخطة الحكم الذاتي. كما أن اتهامات المغرب المستمرة للجزائر بدعم البوليساريو عسكريًا ودبلوماسيًا. وتسهيل اتصالاتها مع إيران وحزب الله، عززت من حجج الداعين لتصنيف الجبهة كمنظمة إرهابية.
في المقابل، تُصر الجزائر على أن البوليساريو حركة تحرر وطني تمثل الشعب الصحراوي، وهي الموقف الذي تتبناه أيضًا دول مثل جنوب إفريقيا. لكن هذا الدعم يتراجع تدريجيًا.
حيث أشارت تقارير إلى أن تصنيف البوليساريو كمنظمة إرهابية قد يؤثر على العلاقات الاقتصادية لجنوب إفريقيا، خاصة مع الولايات المتحدة.
تأثير محتمل على المملكة المتحدة
في المملكة المتحدة، لم تعلن الحكومة بعد تغييرًا في موقفها الرسمي بشأن قضية الصحراء أو وضع البوليساريو. ومع ذلك، فإن تصريحات شخصيات مثل ليام فوكس قد تُحفّز نقاشًا داخليًا حول هذا الموضوع. خاصة في ظل العلاقات الاستراتيجية المتينة بين لندن والرباط.
كما أن دعم فوكس للمغرب يتماشى مع دعواته السابقة في يناير 2024 لتبني موقف “أكثر دعمًا” للمغرب في قضية الصحراء. هذا النقاش قد يؤثر أيضًا على السياسة الأوروبية. حيث بدأت دول مثل فرنسا تتبنى مواقف أكثر وضوحًا في دعم المغرب.