24 ساعة-إكرام أقدار
أعلن الملك محمد السادس، اليوم السبت، عن قرار إعادة فتح السفارة المغربية في العاصمة السورية دمشق، بعد أكثر من عشر سنوات على إغلاقها سنة 2012، في خطوة مفاجئة تتقاطع فيها أبعاد سياسية ودبلوماسية في سياق إقليمي متحول.
وجاء الإعلان خلال خطاب وجهه الملك محمد السادس إلى القمة العربية المنعقدة في بغداد، حيث أكد على الموقف الثابت للمملكة تجاه سوريا، معبرا عن دعم المغرب لتطلعات الشعب السوري في تحقيق الأمن والحرية والوحدة، والتأكيد على السيادة الوطنية لهذا البلد العربي.
واعتبر الملك أن إعادة فتح التمثيلية الدبلوماسية المغربية تأتي تجسيدا لهذا الموقف، ودعما لمسار جديد في العلاقات الثنائية، من شأنه أن يعيد وصل ما انقطع بين الشعبين الشقيقين.
وفي هذا السياق، أكد خالد شيات أستاذ العلاقات الدولية، أن قرار الرباط يندرج في سياق التحولات العميقة التي تعرفها الساحة السورية، عقب سقوط النظام السابق ووصول المعارضة بقيادة أحمد الشرع إلى السلطة.
وشدد في تصريح لـ”24 ساعة” على أن “ما تعيشه سوريا اليوم يمثل “مرحلة انتقالية واضحة”، مضيفا أن موقف المغرب ينسجم مع توجهه المعلن منذ سنة 2011، والمبني على دعم الشعب السوري، وليس النظام القائم آنذاك”.
وأضاف: ” أن العلاقات بين الرباط ودمشق ظلت متوترة خلال السنوات الأخيرة، خصوصًا بسبب اتهامات مغربية للنظام السوري بدعم جبهة البوليساريو، وهو ما اعتُبر أحد أسباب القطيعة الدبلوماسية”.
وأشار المتحدث إلى ” أن التطورات الأخيرة توفر مناخًا جديدًا يسمح بإعادة بناء العلاقات بين البلدين على أسس واقعية ومنسجمة مع المصالح الإقليمية للمغرب”.
وسّع شيات تحليله ليشمل البعد العربي الأوسع، معتبرا أن تحريك العلاقات بين الدول العربية، من خلال إعادة التمثيل الدبلوماسي، قد يشكل فرصة لإعادة بناء العمل العربي المشترك على أسس أكثر واقعية، خاصة في ظل الأزمات التي تعصف بدول مثل لبنان والسودان.
أما بشأن التوازنات الدولية، فاستبعد شيات حدوث توتر بين المغرب وحلفائه، مؤكدا أن النظام السوري الحالي بات أقرب إلى بعض الدول الخليجية التي كانت في السابق من أشد معارضي الأسد، وأن إعادة فتح السفارة المغربية لا تتعارض مع التوجه الخليجي الجديد، بل تتماشى معه.
كما اعتبر أن واشنطن باتت أكثر تفهما للتغيرات التي تعرفها سوريا، مما يجعل القرار المغربي منسجما مع المستجدات الدولية، دون أن يحمل أي مغامرة دبلوماسية.
وختم الشيات تصريحه بأن هذه العودة قد تمثل بداية لتخلي دمشق عن موقعها التقليدي ضمن محور المواجهة، وانخراطها في منطق جديد قائم على التكامل العربي بدل التنافر.