24 ساعة ـ عبد الرحيم وياد
أعلنت المملكة المتحدة رسميا دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها حلا “واقعيا وذا مصداقية” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
ويمثل هذا الموقف الجديد قطيعة مع عقودٍ من التزام لندن بالإطار التقليدي للأمم المتحدة، ويُنظر إليه كإنجاز دبلوماسي كبير يُحسب للمغرب.
ووصف القرار البريطاني بأنه إعلان “صادم للبعض ومنطقي للكثيرين”، وفقًا لمصادر دولية ووسائل إعلام إسبانية، مؤكدة أن هذا التحول لم يأت من فراغ، بل هو تتويج لجهود دبلوماسية مكثفة وذكية قادتها الرباط على مدار سنوات في أروقة السياسة البريطانية.
في هذا السياق، أكد تقرير صحيفة “El Confidencial“ الإسبانية أن هذا التحول ليس وليد الصدفة، وإنما نتيجة عمل استراتيجي محكم لما بات يعرف بـ”اللوبي المغربي في وستمنستر”.
واستخدم هذا اللوبي أدوات التأثير الناعمة، مثل التقارب الاقتصادي والشراكات الأمنية، ليجعل من المغرب شريكًا لا غنى عنه لبريطانيا في منطقة شمال إفريقيا.
المغرب: ركيزة أساسية في الأمن والطاقة والهجرة
أكد المصدر أنه مع تزايد التحديات الجيوسياسية، من تداعيات الحرب في أوكرانيا إلى ضغوط الهجرة غير النظامية، ازدادت أهمية المغرب في نظر دوائر القرار الأوروبية، وعلى رأسها لندن.
كما يبرز التقرير النمو غير المسبوق في العلاقات التجارية بين المغرب والمملكة المتحدة منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة في مجالات حيوية مثل الطاقة المتجددة، والفوسفات، والأمن السيبراني.
كما لعب التعاون الأمني دورا حاسما في بناء الثقة المتبادلة، لا سيما في ظل التهديدات الإرهابية المتصاعدة في منطقة الساحل. وأكد مسؤولون بريطانيون أن المغرب أثبت أنه “حائط صد فعال” في مواجهة التطرف، مما يعزز مكانته كشريك استراتيجي يمكن الاعتماد عليه.
اعتراف ثمين للرباط وورطة لخصوم الوحدة الترابية
أضافت الصحيفة أن الاعترافات في عالم الدبلوماسية لا تمنح بسهولة، لكن المغرب، بـ”هدوئه الفعال”، تمكن من إقناع لندن بأن مبادرة الحكم الذاتي هي المسار الأكثر جدية وواقعية لحل النزاع، في انسجام مع المواقف الدولية المتجددة لدول وازنة مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا.
واعتبرت أن هذا الاعتراف البريطاني، الذي يحمل رمزية دولية كبيرة بحكم عضوية لندن الدائمة في مجلس الأمن، يشكل ضربة موجعة لخصوم الوحدة الترابية للمغرب. ويأتي ذلك في سياق تشهد فيه مواقف الجزائر تشددًا متزايدًا وتراجعًا في قدرتها على التأثير في العواصم الغربية.
بريطانيا تنضم إلى “معسكر الحلول الواقعية”
رأت الصحيفة أن هذا التحول البريطاني ينضم إلى سلسلة من المواقف الدولية المتتالية التي انحازت إلى “معسكر الحلول الواقعية”، مفضلةً إياها على المواقف الجامدة التي لم تعد تتناسب مع التطورات الإقليمية والواقع على الأرض.
كما تأتي هذه الخطوة في توقيت مهم يستعد فيه المغرب لاستضافة فعاليات دولية كبرى، مثل مونديال 2030، حيث تسعى الرباط إلى ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية صاعدة ومركز استقرار في محيط إقليمي مضطرب.
وخلصت الصحيفة الإسبانية إلى أن اللوبي المغربي، الذي غالبا ما يعمل في الخفاء، يظهر هذه المرة بشكل علني بنتائج ملموسة تضاف إلى سجل النجاحات الدبلوماسية المغربي