إعداد- زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة. إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة الخامسة
يُعد عزيز بودربالة واحدًا من أبرز الأسماء التي طبعت تاريخ كرة القدم المغربية، بفضل مسيرته الحافلة بالإنجازات سواء مع الأندية أو المنتخب الوطني، بأسلوبه المميز، ومهاراته الاستثنائية، وروحه القتالية في الملعب، استطاع أن يخلد اسمه في ذاكرة عشاق المستديرة، ليصبح أحد رموز الكرة المغربية على الصعيدين المحلي والدولي.
وُلد عزيز بودربالة، يوم 26 دجنبر 1960 في حي بوسبير بالمدينة القديمة في الدار البيضاء، وسط بيئة عاشقة لكرة القدم، حيث بدأ شغفه بالساحرة المستديرة منذ الصغر، التحق بنادي الوداد الرياضي، أحد أعرق الأندية المغربية، وسرعان ما أثبت نفسه كموهبة استثنائية قادرة على خطف الأضواء، بفضل مهاراته العالية وسرعته الكبيرة، أصبح بودربالة لاعبًا أساسيًا في تشكيلة الوداد، وساهم في تحقيق العديد من النتائج الإيجابية لفريقه.
في عام 1984، خاض بودربالة تجربة الاحتراف الأوروبي، حيث انتقل إلى نادي سيون السويسري، وهي خطوة شكلت انطلاقة جديدة لمسيرته، لم يمر وقت طويل حتى أصبح أحد أهم لاعبي الفريق، وساهم في تحقيق كأس سويسرا عام 1986، ما عزز مكانته كأحد أفضل اللاعبين في الدوري السويسري آنذاك.
لم يكن تألق بودربالة مع سيون محليًا فقط، بل جذب أنظار مدرب المنتخب المغربي، ليتم استدعاؤه للمشاركة في كأس العالم 1986 بالمكسيك، وهي البطولة التي شهدت أفضل إنجاز للكرة المغربية تلك الفترة.
كان لبودربالة دور محوري في تأهل “أسود الأطلس” إلى دور الـ16 كأول منتخب عربي وإفريقي يحقق هذا الإنجاز، بعد التعادل أمام إنجلترا وبولندا، والفوز التاريخي على البرتغال (3-1)، بفضل أدائه المذهل في البطولة، حاز على إشادة عالمية، واحتل المركز الثاني في استفتاء أفضل لاعب إفريقي لسنة 1986، خلف مواطنه الحارس الأسطوري بادو الزاكي، ومتقدمًا على النجم الكاميروني روجيه ميلا.
بعد مونديال المكسيك، انتقل بودربالة إلى الدوري الفرنسي، حيث انضم إلى نادي راسينغ باريس، وواصل عروضه القوية، مسهمًا في قيادة الفريق إلى نهائي كأس فرنسا عام 1990، بعد هذه التجربة، انتقل إلى نادي أولمبيك ليون، حيث لعب عدة مواسم ناجحة قبل أن يقرر تعليق حذائه والاعتزال، واضعًا حدًا لمسيرة احترافية حافلة بالعطاء والتألق.
لم يبتعد بودربالة عن عالم كرة القدم بعد اعتزاله، حيث واصل مسيرته لكن هذه المرة من بوابة التدريب، فقد حصل على دبلوم التدريب العالي من سويسرا، وبدأ رحلة جديدة في مجال التأطير الفني.
في ختام مسيرته الحافلة، يظل عزيز بودربالة واحدًا من أعظم رموز الكرة المغربية، حيث ترك بصمة لا تُمحى في تاريخ اللعبة، من حي بوسبير إلى الملاعب العالمية، لم يكن مجرد لاعب، بل كان قائدًا وصخرة دفاعية صممت على النصر وبفضل إنجازاته مع الأندية والمنتخب الوطني، ستظل قصة بودربالة مصدر إلهام للأجيال القادمة من اللاعبين الذين يسعون لتحقيق النجاح.