الرباط-أسامة بلفقير
منعطف حاسم دختله قضية الصحراء المغربية على مستوى مجلس الأمن الدولي، وربما آن للمغرب بعد 50 سنة من المسيرة الخضراء السلمية لطرد المستعمر الإسباني، أن يحتفل بإنهاء هذا النزاع المفتعل. فلم يعد دعم كبريات العواصم للمغرب خافيا، في ظل قناعة المنتظم الدولي بأن الوقت حان لكي يُرسم المغرب حقه التاريخي وسيادته الكاملة على ترابه.
في الإحاطة التي قدمها الدبلوماسي الإيطالي ستيفان دي ميستورا أمام مجلس الأمن، تمة نقطة حاول المبعوث الشخصي إلقاءها في مسار حلحلة الملف. فالرجل مقتنع تمام الاقتناع بأن الحكم الذاتي هو الحل الوحيد والموثوق لإنهاء النزاع، لكنه يخفي نوعا من “التذمر” أمام نجاح الولايات المتحدة في تحقيق اختراق قوي في هذا الملف.
ليس خافيا أن استدعاء الإدارة الأمريكي لستيفان دي ميستورا لإبلاغه بموقفها الواضح والصريح بشأن دعمها الكامل للحكم الذاتي خلف لدى الوسيط الأممي نوعا من الإحساس بالتجاوز، ولذلك حاول الرجل أن يدفع بتوصيات تدعو المغرب إلى الكشف عن التفاصيل، رغم أنه يعلم علم اليقين بأن التفاصيل لا تقدم إلا حينما تجلس الأطراف، أو على الأقل الطرفين المعنيين بشكل مباشر، ونقصد المغرب والجزائر، إلى طاولة الحوار ووالتفاوض..آنذاك، للمغرب رؤية كاملة بتفاصيلها عن الحكم الذاتي الذي يقترحه للأقاليم الجنوبية.
المثير أن دي ميستورا ربما لم يقرأ أو يستوعب حجم التنازلات التي قدمتها المملكة المغربية من خلال مشروع مبادرة للتفاوض بشأن تخويل تراب الصحراء المغرب حكما ذاتيا. ذلك أنه لو درس المقترح المغربي بكل عمق، رغم ما يلفه من اختصار وتركيز، أملته قبل كل شيء أدبيات إدارة التفاوض والنزاع، والتي تفترض، طرح القضايا العتمة، وتترك التفاصيل للتفاوض، تلافيا لأي هيمنة أو إنكار للطرف الاخر.
عدد من السيناريوهات تبدو واردة اليوم، سواء فيما يتعلق بمستقبل قضية الصحراء المغربية أو مستقبل الوسيط الأممية. فوضعية الأخير قد تسير نحو الاستقالة خلال الأشهر القليلة القادمة، طالما أن الملف بات يحتاج إلى مبعوث أممي يقود وساطة حقيقية بناء على المقترح المغربي، والذي بات في واقع الأمر مقترحا للمنتظم الدولي الذي تبنته العواصم الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، لإنهاء النزاع.
أما أمد النزاع فلا يبدو أن الولايات المتحدة مستعدة لمزيد من التمديد والاستمرار في وضعية “الستاتيكو”، في ظل وجود قناعة بأن استمرار “البوليساريو” بالشكل الذي توجد عليه في مخيمات تندوق جنوبي الجزائر، بات يشكل تهديدا حقيقيا للسلم في المنطقة. بل إن حدة الاختناق وانعدام الأفق لدى الشباب المحتجزين يشكل في حدد ذاته قنبلة موقوتة.
لذلك فإن الأشهر المقبل ستشهد تكثيف التحركات في اتجاه دفع الأطراف إلى الجلوس إلى طاولة الحوار لإنهاء النزاع على أساس حكم ذاتي تحت السيادة المغربية، وهو ما سيمكن ساكنة المخيمات من عيش كريم وأمل في غد أفضل، بدل الاستمرار في العيش تحت الخيام، مطوقين بأسلحة العسكر الجزائر الذي يحاصر المحتجين وهو يرفعون شعار “بغينا نروحو للمغرب”.