24ساعة-زينب لوطفي
صدر حديثا في المكتبات المغربية كتاب أكاديمي جديد بعنوان ‘كرة القدم في السياق الاستعماري: تجربة نادي الوداد الرياضي 1937-1955’، من تأليف الدكتور مراد زروق، الذي يعيد من خلاله فتح النقاش حول البعد السياسي الخفي الذي طبع تجربة الأندية الرياضية المغربية خلال فترة الحماية الفرنسية، وفي مقدمتها نادي الوداد البيضاوي.
يرتكز هذا العمل البحثي، الذي اعتمد على أرشيف سري للإدارة الاستعمارية الفرنسية، على دراسة معمقة لدور نادي الوداد، ليس فقط كناد رياضي، بل كمؤسسة ذات رمزية وطنية وفاعلية سياسية، شاركت في المقاومة الرمزية للاستعمار الفرنسي.
في حوار خص به الدكتور مراد زروق جريدة “24 ساعة”، اليوم الخميس، استعرض فيه مضمون الكتاب وكواليس إعداده، قائلا: “أبرز محاور الكتاب هي مرحلة ما قبل التأسيس، ثم مرحلة تأسيس النادي، مرورا بكيفية توظيفه سياسيا من قبل فاعلين مختلفين، وتأثره بصراعات الحرب العالمية الثانية، وتبعات تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، بالإضافة إلى إشكالية العنف المرتبط بمباريات النادي، وهناك محاور أخرى لا تقل أهمية عما ذكرت.”
وفي ما يتعلق بالمصادر، كشف زروق أن الوصول إلى الوثائق الأرشيفية لم يكن بالأمر المخطط له منذ البداية، بل جاء بالصدفة، قائلا: “فعلا، لقد كان العثور على ملفات الجمعيات الرياضية خلال فترة الحماية الفرنسية مفاجأة سارة، مضيفا: ” قبل 15 سنة، كنت أبحث في موضوع مختلف، فصادفت تلك الملفات ومن بين أبرز المفاجآت، اكتشافي مدى تسييس النادي منذ نشأته، وارتباطه المبكر بمكونات الحركة الوطنية، ثم لاحقا تحوّله إلى ساحة صراع سياسي بين الحزب الوطني والحزب القومي، ثم بين حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال، كما فاجأني الحضور القوي لليسار الفرنسي في أول مكتب مسير، حيث ضم ثلاثة فرنسيين كانت سلطات بلادهم تراقبهم عن كثب بسبب ارتباطهم بتنظيمات يسارية، بعضها راديكالي.”
ولم يقتصر زروق على أرشيف نادي الوداد فقط، بل تطرق إلى تفاصيل مهمة عن تأسيس غريمه التقليدي الرجاء البيضاوي، قائلا: “عثرت أيضًا على تقارير توثق لتاريخ إنشاء نادي الرجاء وأول مكتبين مسيرين له، وهو ما يمنح بعدا أوسع لفهم العلاقة بين الرياضة والسياسة في تلك الحقبة.”
أما عن سؤال ما إذا كانت تجربة الوداد حالة فريدة من نوعها، فقد أكد زروق أن التجربة لم تكن معزولة، قائلا: “لم تكن حالة الوداد استثنائية، رغم أنه كان النادي الأكثر اصطداما مع السلطات الفرنسية”.
وزاد قائلا:”كان هناك الاتحاد الرياضي الرباط سلا برئاسة أحمد اليزيدي، والذي حظرته السلطات عقب أحداث تقديم وثيقة الاستقلال، وكذلك نادي نجاح فاس الذي عرف المصير نفسه، ولاحقا، ارتبطت أسماء أندية مثل الفتح الرباطي، والاتحاد البيضاوي (الطاس)، والكوكب المراكشي، بالحركة الوطنية.”
يعد هذا الإصدار من الكتب القليلة التي تربط بين تاريخ كرة القدم المغربية والسياق السياسي الاستعماري، ويمنح القارئ صورة شاملة عن كيف تجاوزت بعض الأندية دورها الرياضي لتتحول إلى منصات للمقاومة الرمزية وحشد الوعي الوطني، في وقت كانت فيه السلطات الاستعمارية تفرض رقابة صارمة على كل أشكال التعبير الوطني.