24 ساعة-متابعة
يشهد المغرب وروسيا تقدمًا ملحوظًا في مفاوضات تجديد اتفاقية الصيد البحري. التي ستتيح للأسطول الروسي العمل في المياه الواقعة تحت السيادة المغربية، بما في ذلك مياه الصحراء المغربية. ويأتي هذا الاتفاق، الذي يمتد لأربع سنوات، ليؤكد الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين في سياق جيوسياسي معقد. مع تداعيات اقتصادية وسياسية كبيرة على المستويين الإقليمي والدولي.
تفاصيل الاتفاقية
الاتفاقية الجديدة، التي تعد تحديثًا لاتفاق سابق انتهى في ديسمبر 2024. تتيح للأسطول الروسي صيد ما يصل إلى 140,000 طن سنويًا من الأنواع السطحية، مثل الجوريل الأفريقي، والماكريل، والحَدّوق الأوروبي. وتستند هذه الاتفاقية إلى نتائج “الرحلة الأفريقية الكبرى”، وهي مبادرة روسية لاستكشاف الموارد السمكية في المحيط الأطلسي الوسطى والشرقية.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الاتفاقية التعاون العلمي بين المعهد الوطني المغربي للبحث في مصايد الأسماك ونظيره الروسي، مما يعكس التزام الطرفين بالاستغلال المستدام للموارد البحرية.
السياق الجيوسياسي
تأتي هذه الاتفاقية في ظل تصاعد التوترات الدولية، خاصة بعد بدء النزاع في أوكرانيا عام 2022، الذي دفع روسيا إلى نقل سفنها السمكية من ميناء لاس بالماس في جزر الكناري إلى الدار البيضاء بالمغرب.
وقد تسبب هذا النقل في خسارة اقتصادية كبيرة لجزر الكناري، تقدر بمئات الملايين من اليوروهات، حسب تصريحات ميخائيل تاراسوف، مسؤول السوق الأفريقية في الوكالة الفيدرالية الروسية للصيد. وفي المقابل، استفاد – [المزيد عن الاقتصاد في جزر الكناري].
يُنظر إلى الاتفاقية على أنها خطوة إضافية نحو تعزيز الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على الصحراء، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بهذه السيادة. وتشير بعض التحليلات إلى أن الاتفاقية قد تُفسر على أنها اعتراف ضمني من روسيا بمغربية الصحراء، مما يعزز موقف المغرب الدبلوماسي في هذا الشأن.
الشراكة الاقتصادية المتنامية
لا تقتصر العلاقات بين المغرب وروسيا على قطاع الصيد البحري، بل تمتد إلى مجالات تجارية أخرى. خاصة في قطاع الفوسفاط والزراعة. فالمغرب، بفضل احتياطاته الهائلة من الفوسفاط. يُعد أحد أكبر المنتجين العالميين، بينما أصبحت روسيا المورد الرئيسي للقمح إلى المغرب، متجاوزة فرنسا. إلى جانب تصدير منتجات أخرى مثل الشعير، الذرة، البقوليات، والعسل. وتُظهر هذه العلاقات التجارية تنويعًا استراتيجيًا في شراكات المغرب الاقتصادية، مما يعزز مكانته كمركز إقليمي للتجارة.
التداعيات الإقليمية والدولية
تحمل الاتفاقية تداعيات مهمة على الصعيدين الإقليمي والدولي. تعزيز النفوذ الروسي في إفريقي. حيث تسعى روسيا من خلال هذه الاتفاقية إلى تأمين إمدادات المنتجات البحرية. وتعزيز وجودها الاستراتيجي في الأطلسي المتوسط، خاصة في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها. وتُعد هذه الخطوة. جزءًا من استراتيجية أوسع لتوسيع النفوذ الروسي في إفريقيا، سواء في قطاعات الصيد، أو الزراعة، أو حتى العسكرية.
المنافسة مع الاتحاد الأوروبي. خصوصا بعد إلغاء اتفاقية الصيد بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بقرار من محكمة العدل الأوروبية عام 2023. وجد المغرب في روسيا شريكًا بديلاً يدعم موقفه السياسي ويوفر فرصًا اقتصادية جديدة.
وهذا قد يؤثر على العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي خاصة في ظل المنافسة الإقليمية بين موانئ طنجة المتوسط وألغيسيراس الإسباني.
تعتبر اتفاقية الصيد البحري بين المغرب وروسيا خطوة استراتيجية تعكس طموح البلدين في تعزيز شراكتهما الاقتصادية والسياسية. بالنسبة للمغرب. تُسهم الاتفاقية في تعزيز سيادته على الصحراء المغربية. وتوسيع شبكة شراكاته الدولية، بينما تسعى روسيا إلى تعزيز نفوذها في إفريقيا وتأمين مواردها البحرية.
ومع ذلك، يظل نجاح هذه الاتفاقية مرهونًا بقدرة الطرفين على تحقيق التوازن بين المصالح الاقتصادية. والاستدامة البيئية، مع التعامل بحذر مع التوترات الجيوسياسية التي قد تنجم عن هذا التقارب.