يحق لمنظمة “مراسلون بلا حدود” أن تفترض أن مبرر وجودها ومعيار فاعليتها أن تدافع عن الصحفيين كلما طالتهم التعسفات والخروقات القانونية السافرة. غير أن الممكن نظريا لا يتطابق بالضرورة مع مواصفات الواقع وأحكامه المتعددة المشارب والمبررات. ففي حالة دفاعها الانفعالي المتسرع عن عبد الكبير الحر، رفعت “مراسلون بلا حدود” شعار “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما” دون أن تكلف نفسها عناء التحقق من طبيعة المنزلق الخطير الذي انتهجه الحر تحت غطاء الحرية المكفولة للعمل الصحفي بالمغرب.
إن أول ما يعيب عمل المنظمة هو عجزها الفاضح عن ترسيم الحدود بين ما يعتبر ممارسة مشروعة للحريات الصحفية وما يتستر باسم هذه الحريات لترويج خطابات معادية للثوابت والمقدسات الوطنية. ولأن المنظمة ، الحريصة على إطالة سجل معاملاتها المالية والمهنية ،لا تبذل جهدا لتتحقق مما إذا كان الصحفي ظالما أو مظلوما، فإنها تتبرع أحيانا بلعب دور “محامي الشيطان”. ولسبب ما، تظل “مراسلون بلا حدود” ب”فوبيا مغربية” خاصة كلما توهمت أن المغرب لن يحصل منها على شهادة براءة إذا لم يقم بالمطلوب والمعلوم والمتعين دفعه على فقراء الأرض ، بالعملات الصعبة ، وهم نفس أغنيائها بموازين الاستقامة والنزاهة.
لقد آن لمنظمة ” مراسلون بلا حدود ” أن تدرك أن المغرب ليس أرضا لمطاردة السحرة في أوساط الإعلاميين لأن السلطات القضائية القائمة تعرف جيدا أين تضع الحد الفاصل بين حرية الصحفي على الصعيد المهني وتجاوزاته القانونية كمواطن خاضع للمساءلة والعقاب. وإذا لم تدرك المنظمة هذه البدهية ، فستظل منظمة للدفاع عن المراسلين بلا حدود لما يقتضيه العقل والمنطق.