إعداد- زينب لوطفي
الرياضيون المغاربة ليسوا مجرد أبطال في ميادينهم، بل هم رموز للعزيمة والإرادة التي تعكس قيم الانضباط، الصبر، والعمل الجاد.
في رمضان، حيث تتعزز الروح الإنسانية والتضامن، نلتقي مع هؤلاء الأبطال الذين استطاعوا أن يصبحوا قدوة للأجيال الجديدة، محققين إنجازات عظيمة على المستويين الوطني والدولي.
كل حلقة من هذه السلسلة ستأخذنا في رحلة عبر مسيرة أحد الرياضيين المغاربة، نستعرض خلالها أبرز محطات حياته المهنية والشخصية، وكيف تحدى الصعاب ليصل إلى القمة.
إن قصصهم تحمل في طياتها دروسًا في القوة الداخلية والتفاني في العمل، مما يجعلها مصدر إلهام لكل متابع.
انضموا إلينا في هذه الرحلة الرمضانية المميزة عبر جريدة “24 ساعة” الإلكترونية، وتعرفوا على أبطال المغرب الذين رفعوا اسم بلدهم عاليًا في مختلف المحافل الرياضية.
الحلقة التاسعة
في العاشر من فبراير 1970، ولد في الدار البيضاء نجم مغربي صنع اسما كبيرا في ملاعب أوروبا، إنه نور الدين النيبت، الذي بدأ مسيرته الكروية في أحياء العاصمة الاقتصادية، وأثبت مع مرور الوقت أنه واحد من أبرز اللاعبين في تاريخ كرة القدم المغربية والعالمية.
كان نور الدين من أبناء أحياء الدار البيضاء الشعبية، حيث بدأ أولى خطواته مع كرة القدم في ‘‘درب الشرفة’’، أحد الأحياء العريقة في العاصمة الاقتصادي، ومن هناك انتقل إلى نجم البيضاء المعروف بـ ‘‘ليطوال’’، ولكن لم يمكث طويلا في هذا النادي، إذ سرعان ما انتقل إلى الوداد البيضاوي، حيث بدأت مسيرته الحقيقية في عالم الاحتراف.
في صفوف الوداد، بدأ النيبت مشواره الكروي، حيث لعب في فئة الشبان قبل أن يضفي على الفريق الأول لمسته الخاصة، مع الوداد، توج نور الدين بثلاثة ألقاب وطنية، بالإضافة إلى لقب دوري أبطال إفريقيا عام 1992، بعد الفوز على الهلال السوداني في المباراة النهائية، مما وضعه على السكة نحو العالمية.
في عام 1993، كانت بداية رحلة النيبت الاحترافية في أوروبا، حيث انتقل إلى فريق نانت الفرنسي، قدم موسما مميزا مع “الكناري”، جعل الإعلام الفرنسي يصنفه ضمن أفضل عشرة لاعبين في الدوري. ولكن طموحات النيبت لم تتوقف عند ذلك، حيث انتقل في السنة التالية إلى البرتغال للعب في صفوف سبورتينغ لشبونة تحت قيادة المدرب الشهير كارلوس كيروش.
في البرتغال، تألق النيبت بشكل لافت، مما جذب الأنظار من الأندية الإسبانية، ليوقع عقدا مع نادي ديبورتيفو لاكورونيا الإسباني، في إسبانيا، تألق النيبت لمدة ثمانية مواسم، حيث أحرز العديد من الألقاب المحلية، أبرزها دوري 2000، وساهم بشكل كبير في مشاركة الفريق التاريخية في دوري أبطال أوروبا.
مع نهاية مسيرته في إسبانيا، قرر النيبت خوض تجربة جديدة في إنجلترا، حيث لعب مع نادي توتنهام هوتسبيرز في الدوري الإنجليزي الممتاز، إلى جانب لاعبين بارزين مثل المالي عمي كانوتيه والمصري أحمد حسام “ميدو”، رغم قصر مدة إقامته في إنجلترا، إلا أن النيبت سجل هدفا مميزا في ديربي لندن ضد أرسنال، ليختتم مسيرته الأوروبية في أجواء حافلة بالإنجازات.
على مستوى المنتخب الوطني، لعب النيبت 115 مباراة دولية بين عامي 1990 و2006، شارك في نسختين من كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة و1998 في فرنسا، بالإضافة إلى ست مشاركات في كأس أمم إفريقيا.
بعد اعتزاله، فضل النيبت البقاء قريبا من كرة القدم التي منحته الكثير، في عام 2008، شغل منصب المدرب المساعد للمدرب الفرنسي هنري ميشيل في كأس أمم إفريقيا بغانا، ثم عين مستشارا في 2009 لرئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، علي الفاسي الفهري.
نور الدين النيبت، ابن “درب الشرفة” الذي أصبح رمزا للكرة المغربية والعالمية، رحلته من أزقة الدار البيضاء إلى الملاعب الأوروبية الكبرى تؤكد أن الموهبة لا تعرف حدودا، وأن النجاح هو ثمرة العمل الدؤوب والطموح اللامحدود.